الشاعر الفارس عروة بن الورد
أحترف الصعلكة سبيلالإقامةالعدالةالاجتماعية
الحلقة الاولى
إن الحياة في الجزيرة العربية قبل الاسلام
أكتنفها الكثير من الفقر والحرمان بسبب جغرافيتها, حيث تحتل الصحراء أجزاء واسعة منها, فيعتمد أبناءها على الرعي اعتمادا كبيرا, فمن الأغنام والإبل طعامهم ولباسهم وفراشهم, وعلى الخيل والإبل مواصلاتهم, والبعض منهم كان يمارس التجارة.
يقول أبن خلدون في مقدمته : إن العرب أبعد الناس عن الصنائع, وامنوا بأن الرعي والتجارة والصيد والنهب هي وحدها الأعمال ألتي تليق بالرجال.
هذه الظروف هي التي أوجدت الحياة القبلية القائمة على العصبية و وحدة الدم, فالناظر في تكوين القبيلة يستطيع أن يميز ثلاث طبقات اجتماعية"الصرحاء"وهم أبناءها ذوو الدم النقي الذي لاتشوبه شائبة, ينتمون جميعا إلى أب واحد, وهم عمادها وقوامها.
ومن هنا يصح ان يقال إن القبيلة ليست سوى أسرة أكبر حجما, قائمة بذاتها, لا اختلاط فيها,
متألفه لاشذوذ بين أعضاءها, يعمل الجميع في سبيل هدف واحد هو المحافظة عليها نقية كما آمنوا بها, يخرجون منها مايرونه شوائب فيها, ولا يسمحون لغريب أن يدخل في مجموعها إلا بشروط خاصة, و وفقا لتقاليد معينة وداخل نطاق محدود.
(وسنرى إن هذه المسألة تحمل أول المفاتيح الاجتماعية لظاهرة الصعلكة).
وتتمثل من هؤلاء العصبية بأقوى معانيها, ومنهم تتكون الطبقة"الارستقراطية في القبيلة وفيهم الرئاسة وبيوتات الشرف.وأول ماتعتمد عليه هذه الطبقة هو النسب,ومن هنا كان حرص هذه الطبقة على أن يظل دمها نقيا,وعلى أن تجمع الشرف من كلا طرفيه(الآباء والأمهات)فلا يكون في أحد طرفي الشرف مايشينه.
يقول معقل بن خويلد,وهو سيد هذيل ,ومن سادات
العرب وشرفاءها
بنو فالج قومي وهم ولدوا أبي
وخالي ثمال الضيف من آل فاتك
محابس في دار الحفاظ محاشد
على ترع ألمقرى يطاف المحابك
وينص دستور القبيلة فيما يتصل"بالسياسة الداخلية لها"انها تحمي الفرد وتهرع لنجدته حين يتعرض لاعتداء, ولها عليه في المقابل أن يصون شرفها ويلتزم بقوانينها وقيمها,ولا يجر عليها جرائم منكرة . يقول قريط بن أنيف العنبري
لايسالون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ماقال برهانا
لكن قومي وأن كانوا ذوي حسب
ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
الطبقة الثانية"العبيد" فقد كانت تتألف من عنصرين,عنصر عربي وهم ضحايا الأسر والسبي بين قبائل العرب,ممن كانوا يقعون في أيدي القبيلة في حروبها مع القبائل الأخرى.
حيث كان الغزو من السجايا التي تتفاخر بها القبائل,
لأنه برهان على قوة القبيلة وشجاعتها ومنعتها, لكنه في الوقت عينه كان ضرورة حيوية فرضتها أحوال العرب المعيشية وبيئتهم الضنية بالخيرات.
وكان للشعراء دورهم,أذ كانوا يحرضون قومهم على القتال وطلب الثأر,فأذا عجز قومهم عن ذلك هجوهم.
وحياة البدو قبل الإسلام كانت على هذا النحو,سعي إلى الماء وطلب الكلأ والعشب الأخضر لترعاه حيواناتهم, وغزو للقبائل المجاورة,ادعت الحاجة أو لم تدع إلى ذلك.
وعنصر غير عربي,وهم أولئك الرقيق الذين كانوا يجلبون من البلاد المجاورة للجزيرة العربية,
وخاصة الحبشة ويباعون في أسواق النخاسة.
أما الطبقة الثالثة فهم"الموالي"ويتكونون من العبيد الذين اعتقهم ساداتهم من نير الرق فظلوا مرتبطين بهم برابط الولاء,ومن العرب الأحرار الذين لجأوا إلى القبيلة أو إلى أحد أفرادها من خلعاء
القبائل طالبين الحماية والنصرة,وبذلك يصح له حق التوطن في القبيلة الجديدة,كما يصبح من واجبه الوفاء بجميع حقوقها,مثله مثل أبناءها...
وهؤلاء وسط بين العبيد والأحرار,احط منزلة من الحر وارفع منزلة من العبد,وكانوا يسمون احيانا "الحلفاء".
فكان الخدم والرعاة من أبناء القبيلة أو غيرها والعبيد يعملون ليل نهار لتوفير الحياة المترفه للموسرين في القبيلة وهم أصحاب الجاه والسلطة, مالكي الأرض والمراعي,شيوخ القبائل وساداتها.
أغنياء تؤثرهم الحياة بكل شيء مع غناهم,وألى جانبهم الفقراء الذين تحرمهم الحياة من كل شيء
مع شدة حاجتهم وضعفهم... يتبع
د_محمدالراوي
الثلاثاء، 28 مارس 2017
مجلة ملتقى الشعراء والادباء// الشاعر الفارس عروة بن الورد((ح ١))//بقلم الدكتور محمد الراوي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق