السرقات في القصيدة العربية
تعريفها مفهومها عصورها راي النقاد فيها
من اعداد الدكتور الناقد نوري حمودي الوائلي
2022/2/25
السرقات الادبية والشعرية
هي ظاهرة قديمة منذ..ُ التاريخ الاول للفكر والنشاط الانساني اذ وجدت منذ.ُ عهد قديم جدا عند اليونان والرومان وكما اشار ارسطو 1والى انواعها المتعدده ووسبب انتشارها في العصور الجاهلية او ماقبل الاسلام يعود كما يوضح د احسان عباس2الى عدم وجود القوانين والضوابط التي تحفظ نتاج وكلام االاخر ولفكرة السرقات الشعرية مع الشعر العربي القديم هناك الكثير من الرواد في النقد والبارعين والمتخصصين قد اشاروا الى العديد من الاشكال المتنوعة للسرقات الشعرية الحاصلة بين شعراء العصر الجاهلي كالتي كانت بين امرىء القيس وطرفة بن العبد فكثيرا ما اخذ بعضهم من بعض كما يوكد د احمد الشايب3كالقافية او ا الالفاظ القصيرة وتتم دون الاشارة او التنبيه له
ويوعز ذلك د طه ايراهيم 4لتباعد المسافات وانقطاع التلاقي وفي اخيان كثيرة عد مفهوم السرقات الأدبية بانه صورة اخرى لظاهرة التاثر والتأثيركما اد ذلك د محمد هداره5 وهنا لايعد الشاعر سارقا وانما متاثرا وذلك لان كلا الظاهرتين تطلق على الاخذ او النقل للصورة او التقليد للمعني وهذا يؤكده د احمد الشايب 6 كما جاء في
قول طرفة بن العبد ناقلا عن امرىء القيس
وقوفا بها صحبي علئ مطيهم
يقولون لاتهلك اسى وتجلد
حيث قال اولا امرى القيس
وقوفا بها صحبي علئ مطيهم
يقولون لاتهلك اسىء وتجلد
او كما ورد في شعر المتنبي مستخرجا معان من شعر عروة بن الورد شاعر الحماسة حيث يقول المتنبي 7
لقد زادني حبا لنفسي انني بغيض
الى كل امرىء اراه غير طائل
حيث قال اولا عروة بن الورد
مذهبا واحسنها صورة
ولاياتيني الا القلي
قبل الغور بتعريفات السرقات براي النقاد نكن عند تعريفها لغة (بانها اخذ الشي خلسة وتقصد )
ووورد معناها في معاجم العرب (السرق اي اخذ الشىء من غيره ( القاموس المحيط / الفيروزي
و(سرقه اياخذ ماله خفية ) ( المعجم الوسيط)
لو رجعنا ثانية لتعريف السرقات الشعرية سوف نجدها تعني ( اخذ الانسان ماليس له مرة يعمد لذلك ومرة يجهله وكلا الحالين يغضب المسروق والمغتصب خقه كماورد ابن الاثير ٩ وهنا يتاكد القول ان السرقة الشعرية اغارة من شاعر على شعر اخر ونسبه لنفسه ويتفق اغلب النقاد كما يقول شوقي ضيف 10 ان كلمة سرق تدل علي فعل الذات اي( الاخذ) وربما نصل الى اختلاف بماهية المسروق في الاشياء كما يقال (اخذ كلام الغير سواء اكان المؤخوذ لفظا او معنى او صورة يبتدعها الاخر بقصيدته ومن ثم ينسبها لنفسه وشبيه ذلك انتزاع الفكرة من صاحبها او مبدعها دون الاشارة اليه ومن هنا تاكد ت السرقات على مختلف الازمنةوالعصور بين الشعراء وبعضهم ياخذون بخواطر الامور او المطابقة احيانا ومرة من الانتحال كما ورد عن محمد العزام 11واطلق النقاد علي السرقات اسماء عده منها ( الانتحال النقل النسخ الاغاره الاقتفاء والاقتداء والاجتلاب) ويورد ابن رشيق 12
اسماء اخرى لمفهوم السرقه هي التضمين والاقتباس والمحاكاة والتحوير والتنظير وابن طبا طبا 13 عبر عن السرقات ( المعاني المشتركه)مبيحا للاخر الاستهام من شعر الاخرغير ان ابن طباطبا له راي اخر حيث يقول كل هذه ليست سرقات وانما (عكس للمعاني المشتركه)لذا اباح للشاعر المحدث ان يستلهم من اشعار المتقدمين
العصور التي مرت بها السرقات الشعرية
العصر الجاهلي امتاز بانه عز الشعر العربي فصاحة وبلاغة وعنفوان ولكن لم يكن خالصا من الثغرات اوالتاملات ومنها ما سرق من جهد فكري ومعنوي للقصيدة العربيه علي ايدي شعراء ثبتهم التاريخ كاروع ما انتجه الادب العربي فهذاالنابغة منتحلا ومنتصا كما قال
تبدو كواكبه والشمس طالعة
لا النور نور ولا الظلام ظلام
قول الشاعر وهب بن الحارث
تبدو كواكبه والشمس طالعة
تجري على الكاس منه صبابة
اما السرقات بالعصر الاموي
فلا برىء منها احد حتى الفحول كجرير والفرزدق وحاتم الطائي والسعدي والاخطل الذي اعترف صراحة بالسرقات حيث قال (نحن معاشر الشعراء اسرق من الصاغة)واما الفرزدق اذا استحسن بيتا شعريا (قال انا اولى به او انا احق به)كما ورد عن احمد طبانه
لقد سرق او انتحل الفرزدق القول
اتعدل احسابا لئاما حماتها
با حسابنا اني الى الله راجع
من قول للشاعر جرير حيث قال
اتعدل احسابا لئاما حما تها ب
باحسابنا اني الى الله راجع
وقد وقع هذا النقل كما يسميه ابن الاثير14 (بوقع الحافر على الحافر اي اخذ المعنى واللفظ)
وينقل الشاعر جرير قاىلا من الشاعر المعلول
ان الذين اتخذو بليلل غادرو
غيضا على عبراتهن وقلن لي
حيث قال المعلول اولا
التقى الحيان القيت المنى
ات الهوى لما اصيب مقاتله
وروى المرزباني 15في ما يحكيه عن ابي حاتم قوله(سمعت الاصمعي يقول تسعة اعشار شعر الفرزدق قد سرقه وكان يكابر واما جرير فما علمته سرق الا نصف بيت)
واذا انتقلنا الى العصر العباسي
فسنري هناك تيارات ادبية وثقافات جديده قد نشطت واساليب لم تكن من قبل قد ابتكرت مما خلف كل ذلك اثره الكبير على نتاج الشعراء حيث يقول ابو الفرج الاصفهاني 17 اغلب الشعراء في هذا العصر هم متهمون ومتلبسون بالسرقات الادبية ومنهم ( ابو نواس وابو تمام والبحتري والمتنبي )
ويؤكد القول ما ادعاه دعبل الخزاعي في خصمه ابي تمام قاىلا أن ثلث شعر ابي تمام قد سرقه وثلث غث وثلث صالح )كما ورد عن الصاحب بن عباد18وعن ابن ابي طاهر قائلا اخرجت للبحتري ستمائةبيت مسروق وأن مائةبيت منها قد اخذه من ابي تمام كما ورد عن الامدي 19
قال ابو تمام
وما سافرت في الافاق الا
من جدواك راحلتي وزادي
مقيم الظن عندك والاماني
وان قلققت ركابي وزادي
ن قلقت ركابي في البلاد
فساله ابو داود هل المعاني اخترعتها أم اخذتها فرد قائلا اخذتها من (الحسن بن هاني)من قوله
وأن جرت الالفاظ يوما بمدحه
لغيرك انسانا فانت الذي تعنى
ونصل للبحتري وهو يسرق من ابي نواس
يقول البحتري
فوق ضعف الصغير أن وكل
الامر اليه ودون كيد الكيد
وقد سرق قول ابي نواس القائل
كل عيد له انقضاء وكفى
كل يوم من وجوده في عيد
وقوله
لم يخف من كبر عما يراد به
، من الامور ولا ازري من الصغر
ويسرق المتنبي من قول عروة ابن الورد
قىلا
زادني حبا لنفسي انني بغيض
،، الى كل امرىء غير طائل
وقول عروة
مذهبا واحسنها صورة
ولاياتي منها الا القليل
السرقات في العصر الحديث .
في عصرنا الحديث يكثر الكلام عن ظهور السرقات الشعريةباثوابها المتعددة حيث ينتقي السارق ماشاء ويتقصد اخفاء جرمه ومن الصعب ان نميز اللص عن المبدع فهناك لص ينقل النص حرفيا وهناك من يدرج اشياء من الاخرين بنصوصه كما ورد عن الباحثة الانجليزية ( اندي ميدهيريت) حيث ان الافكار الجديد تكاد تعدم عند السراق ويوافقها الباحث ( باتيستا فيكو )21ويظالعهم في الامر (هوتشو)22 حيث يؤكد.ان ماحدث ويحدث بالشعر العربي المنقول اي المسروق هو (ارادة للتدبير والاهتداء الى الطفرة والنقلة المفاجئه التي توصل الشاعر لغايته ومبتغاه) وهنا لنا عدد من الامثلة لهذا الطرح
حيث يسرق الشاعر الجزائري عيسى لحليح قوله
يادار مية مثل الركب تالينا
تعفن الدمع واحمرت مأقينا
يادار مية ماخنالكم ذما
ليس الخيانة من طبع المحبينا
نقلا من قول الشاعرالذبياني
يادار مية بالعلياء فالسند
اقوت وطال عليها سالف الامد
وقفت بها اصيلا اسائلها
عيت جوابا وما بالربع من احد 23
والشاعر ادريس بو ذيبه سارقا بقصيدته
عيناك اقحوان في دربي المهجور
يازهرة الليمون ياقصة الالم
عيناك كالتوسل للجريح
كلحظة الاله سويعة الخلق
اضاجع االاماني العذاب
وهذه قصيدة الشاعر السياب التي سرق منهاالشاعر بو وذيبه
كانما تنبض في غوريها النجوم
وتغرقان في ضباب من اسى شفيف
وقطرة فقطرة تذوب المطر
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
واخيرا هذا الشاعر عبد العال رزاقي منتحلا ماشاء له
في قصيدته
كيف تكون مأساة اليوم
عانقني فشبابي لا يغريني
علمني شيئايجديني
باسم الحق الضاىع
تمت السرقة او التناص من قصيدة
للشاعر نزار قباني
اشتقت اليك فعلمني كي لا اشتاق
علمني كيف اقص جذور هواك من الاعماق24
علمني كيف تموت الدمعة في الاحداق
علمني كيف يموت الحب وتنتحر الاشواق
.
البحث لايمكنه ان يلم بكل مفردات الموضوع السرقات الشعريه لكن الله ساعدنا بما استطعنا تضمينه
وهنا نصل بكم اعزتنا الى ختام بحثنا
بقلم الدكتور الناقد نوري حمودي الوائلي
2022/2/25
المصادر
1 ارسطو الكتاب ص٢١٥
٢احسان عباس/ تاريخ.النقد عند العرب
3د احمد الشايب / اصول النقد الادبي ص١٧
4طه ابراهيم /تاريخ النقد الادبي ض١٠١
5د محمد هداره /مشكلة السرقات في الشعر
6د احمد الشايب /اصول النقد ص٧٦
7ديوان المتنبي / احمد الكندي
8 ديوان عروه بن الورد / الحسام القاسمي سيف الدين
9ابن الاثير /المثل السائر ص
10د شوقي ضيف /الفن ومذاهبه في الشعر العربي/ص٣١
11محمد العزام /تجليات التناص في الشعر العربي/ص٤٨
12ابن رشيق /العمده ج١ ص٢١١
13ابن طباطبا / عيار الشعر ص٧٠
14احمد طبانه/السرقات الشعريهص١٢
15المرزباني / الموشحص١١١
16ابو الفرج الاصفهاني /الاغاني ج٣ص٢٨
17اسامه بن منقذ /البديع في نقد الشعر /ص٦٥
18الصاحب بن عباد/الكشف عن المساؤىص٦٧
19الامدي /الموازنه ص٨٨
20اندي ميد هربت/الاسطورة العربية الشعريه/ص٦٩ب
باتيستا فيكو/اصول علم النقد الجديد /ص٩٨
22هوتشوز /علم تاريخ الادب /ص٢١٥
21عيس علي عاكوب /التفكير النقدي عند العرب
