السبت، 1 يوليو 2017

مجلة ملتقى الشعراء والادباء اصمتا يريدون // بقلم الشاعرة المتالقة خديجة اجانا

أصمتا يريدون؟
----------------------------------------------------------------

خاب  من قال :
"الصمت حكمة "
بل هراء ، ورثناه جيلا بعد جيل ،
آمنا به فأورثنا الذل و المهانة و العار ...
بلعنا ألسنتنا حتى علاها الدبق ،
فلا حكمة طلنا و لا كرامة.
منذ وعيت على جرحك يا وطني ،
كفرت بذاك الهراء ،
صقلت لساني ،
سلطته سيفا على الأعداء  ...
أ صمتا يريدون ،
و يد الغدر تقطع أوصالك ، تذبح أبناءك ،
و تثكل  نساءك ...؟
أ صمتا يريدون ،
و هذي جرافاتهم
تجتث بيتي،
أشجار الزيتون،
أشجار التفاح  ،
أشجار البرتقال ،
و إرثا من كد أبي و أجدادي ،
لتنبت بدلها، كالفطر، مستوطنات عدوي؟
أ صمتا يريدون ،
و نحن إلى الشتات مهجرون،
و من أقصانا محرومون،
و من هوياتنا مجردون؟  
آمنت بأن لساني سلاحي ،
جردته من غمده بتارا ،
تصدرت التظاهرات ،
هتفت و نددت ،
فضحت خطط أعدائي ...
كان صوتي خنجرا  و سيفا و مسدسا  ...
اعتقلوني و بيتوا نية إخراسي.
أنطقت الأخرس و الأبكم،
أنطقت الأصم و الأعمى ،
كلهم رددوا أشعاري  ...
ضاقت جدران زنزانتي ،
أعلنت العصيان ،
رفعت و رفاقي عاليا أصواتنا ،
تردد في الأرجاء ،
ردده كل المعتقلين ...
ضجت مسامع السجانين ،
سارعوا إلى إسكاتنا بالقوة،
أشبعونا ضربا بهراواتهم المطاطية ...
و لم أصمت ...
بدا لهم أن يخرسوني إلى الأبد ،
و تحت جنح الظلام،
اقتادوني معصوب العينين.
أقعدوني أمامهم في غرفة قاتمة ،
كانوا أربعة غلاظ أشداء ،
يتطاير الشر من عيونهم ،
خيروني بين الصمت و الموت ،
أ صمتا تريدون؟
فاسألوا ما بال نسوة بلدتي
باﻻسود يتلفعن ،
و لبطونهن عند الحمل يخفين ،
ما بال أبي الذي أقتيد بصيرا
و أعيد أعمى،
ما بال أمي تعكف على قبر أخي،
ما بال عروس أخي في كل يوم تقيم عرسا جنائزيا  ...؟
أ صمتا تريدون؟
تهامسوا، تغامزوا و قرروا،
تداولوني بينهم كما الكرة بين أقدام اللاعبين ...
و لم أصمت .
وثقوا يدي و قدمي ،
اقتلعوا لساني ،
و أمام عيني، قطعوه إربا إربا،
أطعموه لكلابهم الجائعة ،
و دسوا في فمي قطعة قطن  ...
وعيت على نفسي، في بيتي،
تحسست فمي  ...
نبت في رأسي ألف لسان و لسان ...
أ صمتا يريدون ؟
لا و الله ،
من يومها و أنا أرسم ،
أرسم ألسنة بأحجام مختلفة،
أضمنها أشعاري ،
فتنطق بسخطي و غضبي،
أطوف بلوحاتي في الشوارع
و الأزقة و الطرقات ،
يعجب بها الناس،
يقبلون على شرائها،
يحفظون أشعاري ،
يرددونها بدلي ،
أصبحوا لساني .
هل يقتلعون ألسنة  هؤلاء؟
هل يقتلعون ألسنة كلابهم
التي ما صمتت منذ أطعمت لساني؟

                  أجانا خديجة

،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق