"إلا تنصروه فقد نصره الله أذ أخرجه ألذين كفروا ثاني اثنين......"
بعد أن أزداد أيذاء مشركي قريش للرسول(ص)
وللمسلمين,وبعد بيعتا العقبة ألاولى والثانية حيث تيقن الرسول(ص)أن أهل يثرب(الاوس والخزرج )
سينصرونه ويدافعون عنه, وأن يثرب أصبحت مكانا للأسلام, أذن للمسلمين بالهجرة اليها...
هاجر ألجميع ولم يبقى منهم مع ألنبي من أعيان الصحابة ألا أبو بكر الصديق(رض)للصحبة وعلي بن أبي طالب(رض)الذي أمره ألنبي ان ينوب عنه في تسليم الودائع ألى أهلها...
هاجر ألجميع سرا ألا عمر بن الخطاب(رض)فلما هم بالهجرة تقلد سيفه, وتنكب قوسه,وانتضى (استخرج من كنانته)في يده اسهما واختصر عنزته (وهي شبه العكازة)ومضى قبل ألكعبة, والملأ من قريش بفناءها, فطاف بالبيت سبعا متمكنا ثم أتى المقام فصلى متمكنا ثم وقف على ألحلق واحدة واحدة وقال لهم : شاهت ألوجوه, لايرغم الله إلا هذه المعاطس(الانوف)من أراد أن تثكله أمه ويؤتم ولده وترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي, وقال علي(رض)فما تبعه أحد ألا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه...
كان زعماء قريش يدركون أنهم أذا سمحوا للرسول بالهجرة إلى يثرب فأنه سيوحد صفوفه,ويجهز جيوشه ثم يأتي من جديد ألى مكة.أذن حجر الزاوية في الموضوع هو محمد(ص)والوسيلة الوحيدة لوقف خطر المسلمين الداهم هو السيطرة عليه,ولكن كيف وهو من بني هاشم القبيلة العزيزة الشريفة؟...فقرروا عقد اجتماع عاجل لكبار زعماء مكة لتدارس هذا الأمر,فعقد برلمان مكة(دارألندوة) فقرروا في أخطر اجتماع لهم في تاريخ هذا الدار _ مسلمين أذانهم وقلوبهم للشيطان _ قتل النبي(ص)
بأن يكلف من كل قبيلة شاب ويعطى سيفا صارما ثم يعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ويستريحون منه فيفرق دمه في القبائل جميعا,فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم
فيرضوا منا بالعقل(الدية)بلا قصاص,ولكن
"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
وما أن فض الاجتماع حتى نزل الوحي على النبي(ص)يعلمه بما اتفقوا,ويعلمه أن الله قد أذن له بالهجرة,فالهجرة تمثل إرادة الله...
فأمر ألنبي علي بن أبي طالب(رض)أن يتغشى ببرده وينام في فراشه ليوهم قريش فكان فدائي الإسلام ألاول...
كانت الهجرة لمجتمع يثرب سعيا لبناء مجتمع أخلاقي بالأساس,وليس بناء إمبراطورية...مجتمع أخلاقي يكون نواة لنشر الدين ينفرد من يحملونه
في صفاتهم"يحبون من هاجر إليهم ولايجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو
كان بهم خصاصة"هؤلاء الذين استقبلوا المهاجرين _الذين أهدروا المصالح وضحوا بالأموال والنجاة بشخوصهم مع علمهم أنهم قد يهلكون في أوائل ألطريق أو نهايتها,أنهم يسيرون نحو مستقبل لايدرون مايتمخض عنه من قلاقل واحزان هاربين بدينهم_ بأقتسام الأموال والبيوت بحب صاف وافر ويقين...
كانت الهجرة من مدينة تحكمها عقلية القبيلة إلى تأسيس تمدن يحكمة دستور وينظم حياته عقيدة تقوم على التقوى لا على القمع,على تفعيل
حكمة الحدود لا الهوس بإقامة الحد ذاته,لذا كان دفع العقوبة بالشبهة وبالستر,فالاخلاق قبل القانون,والكرامة والخصوصية قبل الحكم على الناس وتشويه السمعة...مجتمع يستوعب اختلاف الدين ويحمي أماكن الرهبنة لامجتمع يفزعه التنوع ويشغله القضاء على الاختلاف الذي هو حكمة الله في ألخلق.
كان للهجرة هدفا عظيما هو الإنتقال بالرسالة الأسلامية من مرحلة الدعوة إلى مرحلة دولة تؤسس على العدل والرحمة والشورى في كل الأمور,
من دعوة كانت مجرد عقيدة ألى حركة عالمية الأهداف...من دعوة أتباعها قلة مستضعفون ألى سادة فاتحون...
وليس مصادفة أن يؤرخ الفاروق عمر بن الخطاب (رض)للتاريخ الإسلامي بالهجرة النبوية,لا بأعتبارها حدثا تاريخيا مميزا فقط,بل لما للصحابة الكرام من دور مميزفي الإسهام بوقائع تلك الهجرة ألتي كانت فاصلا بين تاريخين,حيث تحولت الدعوة الإسلامية من الصمودالى مواجهة كفار قريش,هذا الصمود ألتي توالت بشأنه الآيات القرآنية تحث الرسول الكريم وصحبه على الصبر ألى مرحلة التصدي في العصر المدني...
فيعود النبي(ص)وصحبه بجيش جرار تحت راية الله أكبر ألى مكة فاتحا...
لقد كانت الهجرة النبوية في ربيع الأول سنة 14هج
المصادف سبتمبر622م,لكن المسلمين جعلوا شهر الله المحرم بداية لها لأنه مصرف الناس من حجهم كما قال عمر بن الخطاب(رض).
الأربعاء، 20 سبتمبر 2017
مجلة ملتقى الشعراء والأدباء // إلا تنصروه فقد نصره الله// بقلم الدكتور محمد الراوي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق