السبت، 20 مايو 2017

مجلة ملتقى الشعراء والأدباء// السياحة والاثار في التعليم والواقع العراقي//بقلم الاستاذ سيد محمد الياسري

السياحة والاثار في التعليم والواقع العراقي
...........
بقلم سيدمحمد الياسري
سأل القس في زيارته الى اور التلاميذ والطلاب اثناء سفرتهم الترفيهية للزقورة ، سأل : ما اسم هذا المكان ؟ فلم يجبه أحد ! ثم في اي زمن فانطلق التلاميذ بالارقام الا ان القس التفت الى احدهم حين قال : ٤٥٠٠ ولم يذكر ق.م فقال للتلميذ : احسنت ،٤٠٠٠قبل الميلاد رقم تقريبي.. لقاءات كثيرة حدثت ومعارض فنية للوحات بعض الطلبة والمهتمين بالفن ، وكثير من لم يروا غير الرقص ... ولم ينتبه الى اثار الاولين ، الحزن كان بادياً في عيون اهل التاريخ والفن والعلم ، بينما التلاميذ والطلاب بدا فيهم الفرح بين متعة المشاهدة وجمال التصوير والرقص والطرب ... من يرى هذا المنظر يرى ان العملاء قد نجحوا في سحق العقل العراقي ، وذره في الرياح ليجعله سفيها لاقيمة له ... لقد أعانت الدولة الجهل على رقاب الناس ، ولم تعن العلم على الجهل ، بكل الاحوال ان كانت تعي ماتفعل ، اي انها خططت لذلك وهذا مايراه الكثيرون ، او انها جاهلة بما تعمل ، وهي تمشي ضمن مخططات رسمت بالخفية ، ومؤامرات دبرت بليل ، لكن التعليم كان واضح الاستهداف في كل مفاصلة ، في بناء الهياكل التعليمية( الروضة - المدرسة- المعهد - الكلية) او بناء المنهج ( الكتاب ، المختبرات، الدوريات ، الصحف ، المجلات ، الكتب التثقيفية، الكتب العلمية) او بناء المعلم من حيث تطويره وتعليمه ورفده وحمايته، الدولة مقصرة ببناء التعليم ، لكن مما اثارني عند زيارتي للاثار والمناطق السياحية التي ترفد الاقتصاد والتعليم معا ، ان الدولة كانت اكثر اهمالا بدأً عندما رأيت بحيرة ساوة التي لم ترفد بل انها قد تهدمت تماما ، وتركت للصوص في سرقة الطابوقة التي لاتساوي جهد سرقتها ممايدل على منهجية التهديم ، كما ظهر لي ، ايضاً اثناء زيارتي للاهوار وما رأيت من كثرة الوفود والسياح ، وتشبث كل الشرائح بزيارة الهور ، لكن في المقابل صرح هاوٍ بدت الشقوق فيه ، وهو عبارة عن بليت وتنك وبواري من الحديد الخفيف والجينكو ، وعليه اسم نصب الشهداء وقبور مضحكة وليس محزنة تدل على تفاهة المصمم وسرقة المنفذ ورسوم فنادق ليس لها واقع ، مما ترك الهور بيد السياح الذين يحملون بنادق صيد من دون تورع ولا يوجد فيه طيرا غير النورس الذي منزوي في مسافة بعيده وهو الذي كان عليه ان يسكن الشطآن ، ويقترب من الناس والبيوت ، ولايوجد حتى مضلات بسيطة داخل الاهوار مما يدل على اهمال الدولة ومما يثير العجب ان المرسى الذي كلف المليارات لم يكن بالهور وانما كان على الارض اليابسة من الجبايش، ولا اعلم اي سفينة ترسى على البر واي قارب يشق طريقه بالتراب ، وكيف حدث؟  ولماذا؟ولو تأمله اي انسان لقال ان كلفته لاتتعدى ١٠٪ من سعره الذي بذخ ، ولم يكن هناك شارع نظيف ولا طرق واسعة ، كما رأينا في أور اكثر عجبا ان المدينة مغلقة عن السياح وخاصة التلاميذ والطلبة ، والحجة القائمة على غلقها ان علماء التنقيب يعملون ، في تنقيب المدينة وترميم بيت النبي ابراهيم ع ،  كان من الواجب ان تفتح بوجود التنقيب كي تشحذ همم التلاميذ والطلاب للعلم ويروا العالم والعامل معا ويميزوا بين تقدم اللام على الميم في ( العالم والعامل) ، وتتيح فرصة ان يتكلم العالم او على الاقل المعلمون للتلاميذ والمدرسون للطلبة كيف التنقيب وماهي الحضارة ، وعن اي شيء ينقبون وما وجدوه والقيمة العلمية والقومية والوطنية للآثار ،والسؤال هنا: ماالذي يدعوا الدولة الى اهمال اثارنا وسياحتنا ؟ لقد اهملت التربية والتعليم ، وكما هو واضح تغيرت اهمية التعليم بتغير المربي ( المعلم - المدرس) حتى اصبح في البلدان المجاورة العراق رافدا ماليا يدر ذهبا بعدما اتجه العراقيين في الهجرة للخارج اما متعلما على حساب الدولة بعد اغلاق التعليم بوجه المتعلم داخل العراق او عالما بعد ان صرفت عليه الدولة العراقية لتجنى ثماره دولة اخرى ، وادرج الارقام من الاول ابتدائي الى تخرجه بشهادة عليا كم خسرت الدولة عليه ودفعت من اجله بالنهاية يذهب جاهزا الى دولة اخرى ، والاثار جزء من الحضارة التي يجب ان يهتم به التعليم كي يمد جسورا بين الماضي في بناءه الاقتصادي ونسيجه الاجتماعي وتصحيح الخطأ وتقويمه واشعار الفرد انه غير منفصل من حضارته التي هي اللبنة الاولى لكل الحضارات واشعاره بان الحجارة التي نحتت بايادي عراقية بيتا او معبدا او تمثالا او جسرا او مسلة في زمنها ان العلم في الامم الاخرى لا يعرف الفأس وليس لديه بيوت!.. ويربط هذا بالحاضر كي يستفاد منه دروسا للمستقبل ، لا للفخر والتبجح بل لاتصال الانسان بالانسان والاستفادة من الاخطاء واستمرار البناء ، اليوم التلميذ الاوربي يحفظ اثارنا وتاريخنا اكثر منا وان مدارسهم يشرحون على مجسمات وشاشات كبيرة عن حضارتنا كي تبقى ملتصقة بذاكرة التلميذ اما نحن لا نحتاج الى مجسمات بل موجودة لكنها لو حدثت مرة بالسنة كسفرة مدرسية يمنع التلاميذ بحجج التنقيب او غيره ، بعدما يجب ان تخصص اياما عدة للسفر وفيه:
١- دراسة التلميذ او الطالب التاريخ كواقع واستشعاره بوجوده ولا يحتاج الى حفظه لانه صار واقعا غير منسيا
٢- امتزاج المدارس فيما بينها واتصال خبرات المعلمين والمدرسين فيما بينهم واظهار القيمة المعنوية للتاريخ
٣- امتزاج النسيج العراقي فيما بينه وخاصة اذا التقت محافظة مع اخرى في اثار فيمتزج القوميات والاديان والمذاهب كلها تحت غطاء تاريخ واحد
٤- لكون التلاميذ والطلاب خاما لايحملون فكرا متراكما من قومية او دين او مذهب فان لقاءهم يخلق روح الاخاء والصداقة والامتزاج بعضهم ببعض
٥- معرفة التلاميذ عبارات جديدة اكثر من المنهج بالسفر الى الاثار ويتسع ذهنه للمعرفة اكثر مما يجعل مفردات المنهج عبارة عن رؤوس اقلام
٦-معرفة جغرافية البلد التي تتحول من ورق وحفظ جامد الى واقع جميل فالحديث عن الاهوار ليس مثل الدخول بها والحديث عن المحافظة ليس كرؤيتها ومشاهدة معالمها.
في كل الاحوال السياحة والاثار في التعليم كتاب مفتوح يخلق تسامحاوروابط في ابناء البلد واهماله يجعل التعليم عبارة عن خيال علمي كما شخص يتحدث عن المريخ او خيال قابل للتحقق كما شخص يتحدث عن بريطانيا
وفي النهاية الحضارة في العراق منفصلة ليس لها واقع ملموس وان كل دولة تبدأ من جديد وهذا ما جعل المواطن العراقي منفصلا عن تاريخه ان كان صحيحا يستفاد منه او كان خاطئا يبتعد عنه ويصحح اخطاءه بدل ماتعتد عليه في كل حكم جديد، فيبدأ بالصدام وعندما يصل للحل يأتي حكم جديد وهكذا ... ظل العراق حلقة من الصراع تبدأ من نقطة لتعود لنفس النقطة بسبب ضياع التعليم واندثار ماللاولين من آثار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق