خواطر عابثة (من أرشيفي )
الغروب في رمضان، هو فترة هدنة قابلة للخرق أحيانا ،تستريح فيها الشوارع و الطرقات من جنون البشر .. تخلو إلى نفسها لتهدىء أعصابها ..لتضمد جراحها و تسكت آلامها و أوجاعها .. لتستعيد توازنها ..
تأخذ لذلك مضادات حيوية ،مضادات الالتهاب، مضادات الحساسية والربو، حبوب ضبط الضغط وحبوب الأسبرين ... لتتفرغ بعدها لإحصاء خسائرها، و تقييم خططها و تعديل استراتيجيتها ... لكن ما أن تبدأ أعصابها تهدأ، و آلامها و أوجاعها تتلاشى، حتى تكون على موعد مع موجة اجتياح جنوني جديد أشد وطأة من ذي قبل، بعد أن تعبأ البطون حد التخمة، و تسكت عصافيرها عن زقزقتها، وبعد أن تروق الأمزجة حد الرقص والطرب .. تنطلق الأقدام و العجلات الثقيلة و الخفيفة لتطأها بقسوة دون رحمة أو شفقة، تثخن جراحها و تذكي أوجاعها .. تعلو الأصوات و الضحك والقهقهة، و أبواق السيارات، فيعم الصخب و الضجيج ..وتنتشر الأدخنة تلوث رئتها و تخنق أنفاسها ... تنفتح جروحها الطرية، يتجدد ألمها و وجعها ،يرتفع ضغطها ... تقاوم و تستميت، لكنها تنهار بعد أن تنتابها نوبات اكتئاب و هيستريا حادة، لا يخفف من حدتها إلا موعد السحور ...
ما أقساك يا بشر ! و ما أظلمك !
خديجة أجانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق