... أيْنَ قَبْرِيْ ...
أرى جَبَلَينِ مِنْ عاجٍ و كِبْرِ
ونَهراً ليسَ يَدريْ أينَ يَجْريْ
فَمِنْ أعلى كما شَوقيْ تَوالى
إلى الخُرنُوقِ مَنحوتٍ بِصَبْرِ
ومِنْ أدنى إلى ما قَرَّ عَيْناً
تواضعَ بَحرةً مِنْ خَمرِ ثَغْرِ
فأبحرَ ... لا شِراعَ ولا صواريْ
بِريحِ جُنونِهِ تَيَّارُ قَهْريْ
وحالفَ أنْمُلِيْ صَوَّامُ كأسٍ
تَفَلَّتَ مَنْ دواويِنِ المَعَرِّيْ
وخالفَ كلَّ ما في الزُّهدِ نَجْوى
وعانقَ وردَ ديكِ الجِنِّ عِطرِيْ
فَقطَّفَ كلَّ ما الميماسُ باحتْ
وما صَهباءُ شاعِرِها بِسِرِّ
فَمسَّ الثَّوبَ فَضْفاضَ النَّوايا
بهِ عَدوى مِنَ الأزهارِ تُغْريْ
وحلَّ رِباطَ جِيدِ الفُلِّ يُرقِيْ
مَريضاً ضاقَ في خُنّاقِ صَدرِ
وما أبقى على قَفَصٍ رِتاجاً
إلى ما كانَ مَوجوعاً بِزِرِّ
فَنفَّضَ رِيشَهُ وانساحَ عِطرٌ
وجَفَّفَ جانِحَيهِ بِنارِ نَحرِيْ
فأوْصاليْ بلا وصلٍ تصالَتْ
على كأسَينِ مِنْ ثَلجٍ وجَمرِ
وطيْرُ البَرِّ غَطَّانيْ زُهوراً
وجاءَ البحرُ في مِنقارِ طَيرِ
ومَنْ في ضَيْعَتيْ لم يدرِ أنِّيْ
سَكبْتُ بِفِضَّةِ المَلَكوتِ تِبْرِيْ
فَأوَّلَ عاشِقٌ رَقْصِيْ حُروفاً
تُبَرعِمُ ناهِداً و تَهُزُّ خَصرِ
و شَكَّكَ ناصِبٌ بِخُصورِ وردٍ
تَعرَّى ... حتَّى مَمنوعِ التَّعرِّيْ
ولا أدرِيْ .. بِما فَتَّحتُ مِنْها
كَمِ انفَتَحتْ مَباسِمُ بينَ شِعرِيْ
وكمْ رَقصَتْ زنابِقُ في كلامِيْ
وطارَ مِنَ التَّرائبِ زوجُ فِرِّيْ
وكمْ مِنْ لَمسَتيْ سَكِرَتْ شِفاهٌ
وكم .. حتَّى الشَّذى ما عادَ يَسْريْ
وقَرَّرَ حولَ مَبْسَمِكِ انتِحاراً
بهِ فيْ عالَمِ السَّلْوى مَقَرِّيْ
الشاعر حسن علي المرعي ٢٠١٨/٢/٢٠م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق