الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

مجلة ملتقى الشعراءوالأدباء....الاستاذ ‏والطالبة..الحلقة9 ‏بقلمالأستاذ ‏المتألق ‏والمبدع ‏عبده ‏داود

الأستاذ والطالبة
عنوان الحلقة 9
مامي أين أبي؟
وصل الحبيبان سميرة وسمير الى مدينة شتورا اللبنانية مساء ذلك اليوم... سميرة رفضت أن يوصلها سمير الى بيروت خشية أن يتأخر بالعودة الى دمشق. 
احتدم النقاش بين الحبيبين، قال هو:  أنا موافق على الانتظار، سأنتظرك دون ريب ليس فقط خمسة عشر عاما بل العمر كله، لكن يجب أن نتزوج حتى نقدر أن نربي أولادنا ونحن شباب، لذلك أنا أرى بانه من الأنسب لنا، أن تتركي البحر، وتعودي الى الجامعة لتكوني أستاذة مساعدة فيها، ونعيش حياتنا بسلام. 
قالت: سمير أرجوك يا سمير أفهمني أنا لن اترك البحر، وأنا  مصرة على عدم الانجاب، في أي ظروف كانت، أنا لا اريد اولاداً، لا الآن، ولا في المستقبل...
أنا رسمت مستقبلي  وأنا الآن بدأت الطريق ولا مجال عندي للتراجع ابداً... 
أحسا بأن شرخاً حدث في علاقتيهما، الموضوع صعب، هي مصرة على موقفها، وهو مصر على موقفه...
الذي أوقف الجدل بينهما هو تدخل النادل الذي جاء وقال: لقد وصلت السيارة الى بيروت سيدتي.
افترقا في بلدة شتورا دون أن يتفقا...وهي غفت فوراً في السيارة من شدة تعبها... ليلتان متتاليتان لم تنم فيهما، الليلة الأولى من فرحتها بانها ستقابل أهلها، والليلة الثانية سهرت حتى الصباح معهم...
وعيت  سميرة أحست أحدهم يهز كتفها حتى  يوقظها من نوم ثقيل، قال السائق:
  لقد وصلنا بيروت يا سيدتي...نهضت وأعتذرت، وتوجهت مسرعة الى الميناء... 
تفاجأت سميرة بمنظر المركب المضاء بالكامل وهي لم تراه مرة قبل الآن بمثل هذا الجمال ومثل هذه الزينة، كانت الأعلام الفرنسية ترفرف بكل جهات السفينة، كما شاهدت زواراً اغراب عديدين يدخلون السفينة وهم يرتدون البسة رسمية...
كان  جوني وزملاء من البحارة يقفون عند مدخل المركب يستقبلون الناس الداخلون الى السفينة...
استقبل جوني تلميذته سميرة بكل حرارة، ولاحظ استغرابها  فقال لها: اليوم هو عيد ميلاد الكابتن، وقد دعينا  موظفي السفارة الفرنسية والجالية الفرنسية جميعاً الى حفل راقص. اذهبي وتحضري للسهرة، يتوجب حضورك في العشاء والحفل الراقص...
قالت بذاتها ليلة ثالثة بلا نوم...
لا تسألوني أصدقائي عن قاعة الشرف التي دخلتها سميرة لأول مرة، قاعة لم تر مثلها لا على ارض الواقع، ولا في صور الكتالوجات...
طاولات الطعام مليئة بأصناف الطعام المتنوع الذي لم تره يوماَ ولا تعرف حتى اسمه...
الفرقة الموسيقية كانت تعزف الحاناً خفيفة والفرنسيون موزعون على الطاولات وهم في غاية الاناقة...
عندما دخل الكابتن، وقف الجميع يصفقون بشدة، وهو في غاية الغبطة، وزوجته متأبطة ذراعه وكان يضع على صدره مجموعة من النياشين والميداليات...التي تغطي كامل سترته البيضاء...
سمعت جماعة  يجلسون على طاولة محايدة لم ينتبهوا لوجود سميرة  بجانبهم، قالوا بأن راتب الكابتن أعلا من راتب رئيس الجمهورية الفرنسية...
نظرت سميرة الى صدرها وجدته خالياً من أي نجمة أو ميدالية أو ما شابه وقالت سوف أملأه يوماً نجوماً باجتهادي  وعزيمتي و اصراري على النجاح...
جوني كان يقف بجانب امرأة،  وعندما لمح سميرة ناداها وعرفها قائلاَ:  هذه هي التي كانت زوجتي.. اليوم صدفة عرفت مكانها تسكن  لبنان  جاءت مع موظفي السفارة هي وزوجها الملحق التجاري بالسفارة الفرنسية...
سأل جوني طليقته إذا كانت تحمل صورة لأبنهما طوني، أخرجت صورة من حقيبتها وقالت: ها هو ذا واعطتها للأب... 
اغرورقت عينا جوني، وهو يرى صورة  ابنه. قالت الأم هو هنا في بيروت يتعلم في مدرسة راهبات وقالت، ابننا من المتفوقين في المدرسة، قال جوني ألم يسأل عني ابني يوماُ؟  قالت كان دائما يسألني عنك، ويقول متى سيعود بابي؟ 
  وأقول له ابوك بحار كبير، وسوف يرجع يوماً عندما يصطاد سمك البحر لذلك كان  يطلب مني دائما أن اطبخ له السمك:  حتى ينتهي سمك البحر ويعود أبي...
بكى جوني، وبكت سميرة، وبكت الأم، وقال الملحق التجاري، انت الذي اخترت البحر، ولم تختر عائلتك...وقالت سميرة بصمتها أنا أيضاَ اخترت البحر ولم أختر العائلة...
قال جوني غداً صباحا سأذهب لأراه قبل أن تغادر السفينة الى اليونان...لكن أرجوك اذهبي معي حتى تمهدي له الأمر قبل أن يتفاجأ برجل بحار يظنه صياد سمك غريب...
سألت الزوجة أم طوني  من تكون هذه الصبية؟ أجاب جوني هذه سميرة تلميذتي وحبيبتي...جمدت سميرة وارتبط لسانها، ولم تجد كلمات تنطق بها سوى الصمت التام...لقد الجمتها كلمة حبيبتي المباغتة...
بدأت الجوقة الموسيقية بعزف الألحان الراقصة، 
طلبوا من الكابتن افتتاح الرقص، نزل هو وزوجته المقيمة معه في البحر ولم تسعفها أفخر الثياب التي ترتديها، ولا أفخر دهون المكياج  أن يخفي عجز العمر...
بعدها أخذ الراقصون يأتون الى حلبة الرقص ، الملحق التجاري دعا زوجته، وجوني مد يده الى سميرة وهي عجزت أن ترفض مراقصته، هذه تعتبر قلة ذوق كبيرة...
وهي لا تزال مضطربة من كلمة حبيبتي...لكنها قبلت الرقص مع جوني، وهي صامتة وكانت تصور لذاتها، بأن الذي تراقصه هو سمير وليس جوني...وامضت الليل مستغربة كلمة حبيبتي...
بقلمي: عبده داود
الى اللقاء بالحلقة العاشرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق