🌺 من مدارس الأنبياء عليهم السلام. نستلهم دروساً تفضي الى تحقيق الأمال وحسن العواقب.🌺 اللهم حسن عاقبتنا في الأمور كلها.
أولاً : ما يصيب المؤمن من همٍّ وحزنٍ ، فلا ينافي الصبر .حيث ظل يعقوب حزيناً طوال الفترة ، فكم دمعت عيناه ، حتى أصابه العمى ! ووقع هذا أيضا من رسول الله -صل الله عليه وسلم - عندما مات ابنه إبراهيم ، فقال : (إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، وانَّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ) .
فهذا ليس من التسخط الذي ينافي الصبر والرضا. فبشرية الانسان الفطرية لا تنافي القيم السماوية.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار مطمئناً وكان أبو بكر رضي الله عنه قلقاً وكلاهما في ذروة الإيمان والصبر والتوكل.
والعكس قبل غزوة بدر كان النبي قلقا يخاف ان تهلك تلك العصبة والحصيلة التي خرج بها. بعد جهد كبير وسنين طويلة وتعب شديد وهو يعول عليها نشر الاسلام والتوحيد والحق والعدل في ربوع المعمورة عبر الأزمان وهو امام معركة حتمية لم تكن في الحسبان وموازين القوى مختل اختلال كبير لصالح العدو كيف سيكون حاله وشعوره.
فدعا وألح في الدعاء حتى سقط
رداؤه عليه الصلاة والسلام وكان الصديق رضي الله عنه مطمئناً يهون علىيه ويطمئنه بأنه لن يخذله الله أبداً وهذه المفارقة بينهما لا تنقص من إيمانهما شيئاً.
وكذلك كان خائفا عليه الصلاة والسلام عند نزول الوحي عليه اول مرة في غار حراء وذهب الى خديجة يرتجف قائلا زملوني زملوني دثروني دثروني وكانت خديجة مطمئنة تهون عليه وهكذا
والشواهد كثيرة من القرآن والسنة تبين بأن الخوف المصحوب بالإيمان لا يناقض التوكل ولا ينقص الصبر والا الرضا ولا المدافعة وكم ورد خوف موسى عليه السلام في القرآن ولم يعاتبه ربه على خوفه بل طمأنه وزاده يقين حتى وصل الى الذروة من الإيمان والخطر محيط به من كل صوب وناحية فقال : كلا ان معي ربي سيهدين"
زوارقُ صبري تمزق من حوليَ الجائحات
وتكْسرُ ناب الردى وتَلتهِمُ الأزماتْ
وغيث ضيائي يبدد من أفقيَ الحالكات
أنا أمة أشتري من شفاه الممات الحياة
ليرتدّ للجيلِ مجدٌ وتنقشعُ الغاشيات
ان التوكل مصدر الصبر فلا صبر بلا توكل.
ثانياً : كمال التوكل على الله ودعاؤه يذهب الخوف ويحفظ النعمة ، حيث لا خوف مع التوكل . فلا يمنع الحرص الشديد وقوع ما يخشاهُ العبد إن كان مكتوبا عليه.
إن تخوف يعقوب لم يمنع مضي القدر إلى غايته.قال تعالى على لسانه: ] قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ [(13) سورة يوسف ..بل ربما ذكرُ يعقوب للذئب ، هو الذي دلَّ الأبناء على تلك الحيلة التي افتأتوها على يوسف،وأخافُ أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون [. قال بعضهم : لم يستحفظ الله ولم يستودعه هنا كما قال عندما أعطاهم أخاهم بنيامين في المرة الثانية (قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (64) سورة يوسف. قال العلماء : ولولا استحفاظه ورجاؤه ودعاؤه لما عادا إليه..حيث أنه في المرة الأولى عندما طلب يوسف أخوته منه للعب معهم , أبدى تخوفه ولم يستحفظ ربه عليه. قال بعضهم: لم يذكر الله مبالغةً في التوكل ، وقال البعض : تخوَّف ولم يستعذ مما يخاف ولم يستودع ربه في يوسف ، فوقع ما كان يخشاه , مبررين ذلك بأن القدر ماضٍ إلى غايته ، ولابد من سريان أسبابه ، فعندما أراد الله إمضاء قدره بفقدان يوسف فات يعقوب أن يستودع ربه ويستحفظه عليه , وعندما أراد الله عودة يوسف وأخيه هيأ الأسباب لذلك,ومنها إلهَامه يعقوب بالدعاء بقوله فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . إن كل المصائب والابتلاءات سنة جعلها الله على جميع الخلائق ، ولا يُفهم أن الخلائق بمجرد الهفوة والنسيان يصابون بالبلاء ، كلا ، لكن الأنبياء ينطبق عليهم الأثر القائل ( سيئات المتقين حسنات الأبرار ) فبمجرد انشغالهم عن ذكر الله لحظة يعلمهم الله فيه آيات من الابتلاءات العظيمة ليرفع قدرهم ويجعلهم أسوة !!
إن التوكل أساس متين في حياة المسلم ليكون مطمئناً ، لذلك كانت أقدار الله ليعقوب كلها خير، فقد حسنت له العواقب كلها ، وكذلك يوسف . فإن التوكل والإيمان لا يظهران إلا من الوقائع والأحداث ، ولا يزيد الإيمان إلا في معارك الابتلاء . لذلك نتعلم و نعتبر ونحن نرى صلابة إيمان يعقوب وصبره ،وثقته بربه ، واستمرار رجائه بعودة يوسف .ولولا ذلك لما أرسل ابنه الثاني معهم دون أن يخاف رغم ما فعلوه بيوسف ؛لأنه كان قد أخذ درساً عظيماً في الوصول إلى ذروة التوكل ومنتهاه ؛وذلك لأخذه بالأسباب الضامنة لعودته. فقد قال (فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين ) وأضاف إلى هذا السبب القوي أنه أخذ موثقاً من الله من أبنائه بالحفاظ عليه إلا أن يحاط بهم .وهذا هو التخوف الأول الذي أخذ فيه ..وللكلام بقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق