آذن الشّتاء بالوصول، هاهو رسوله الخريف ينادي أن تهيّؤوا لاستقباله. اختالت الغيمة في السّماء، تجاوزت سنّ المراهقة ونضجت وهطلت ماءً نقيّا يروي الأرض العطشى فانبعث عطر الحياة، عطر الحياة تركيبة إلاهيّة سحريّة من تزاوج التّراب والمطر، عطر يتعشّق بأنفاسنا وبنسيم الخريف المنعش، يردّ الرّوح والعين المشتاقة لتتمتّع وتتمسّك بحبال السّماء النّديْة آملة بمواسم الخير، عطر ينادينا لمجلس مع فنجان قهوة على الشّرفة أو خلف النّافذة، نسمع موسيقاه على الأرض وعلى أوراق الشّجر، سيمفونية يرقص معها القلب طرباً، حتّى أنّه أحياناً يشدّنا من يدنا لنتمشّى تحت المطر، لنضرب بقدمنا بركة ماء صغيرة، يتطاير رذاذها فنبتسم، نتلفّت حولنا نتأكّد من عزلتنا عن الآخرين فنضحك مثل أطفال أشقياء أنقياء.
للمطر وعطره قوّة خارقة، أقوى من قوّة مارد المصباح، يعيد لنا الحيوية ويضخّ السّعادة في الوريد.
روزيت عفيف حدّاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق