الثلاثاء، 2 مايو 2017

المثقفون العرب متشرذمون كالانظمة//الحلقة الاولى//بقلم الدكتور محمد الراوي

المثقفون العرب متشرذمون كالانظمة
                                                         الحلقة الاولى
         في ظل الأزمة التي يتخبط بها الوطن العربي,المثقفون العرب هم أيضا يمثلون التشرذم العربي كالانظمة,كونهم أقرب الناس إلى السلطة من نعمتها أو من نقمتها,كما أنهم أولى الناس بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية والفكرية,ذلك لمستواهم ولقدرتهم على فهم الواقع ومقاربات الأحداث...
فالمثقف,هو إنسان على مستوى من العلم والمعرفة يأمل في مستقبل أفضل لأمته وأبناء جنسه من الإنسانية جمعاء.
يقول الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى:"المثقفون اليوم هم جنرالات المعركة المقبلة وقادتها ومحددوا نتائجها,لقد بات عليهم من الآن فصاعدا القيام بدور محوري في معركة الدفاع عن الأمة وحضارتها".
فلا يمكن إنكار دور الثقافة والمثقفين في بناء الوعي العام للمجتمعات,فالمثقف الواعي والملتزم يتحرك ويساهم ويناضل من أجل كل عمل يسعى إلى ازدهار المجتمع وتطويره,وبث في أفراده الوعي واليقضه,وبالتالي يشارك مشاركة فعالة في كل ثورة أو حركة أو انتفاضة ضد الشر الاجتماعي والظلم السلطوي,والتخلف الفكري والثقافي,فهو الأقدر على نقد الواقع المهترىء,والمساهمة في إصلاح المجتمع والسياسة وتطويرهما,فهو المعبر عن روح العصر,المجسد لهموم شعبه وتطلعاته وثقافته.
الجميع ينظر إليه كونه قائد فكري قادر على أحداث التغيير الأفضل للمجتمع,فهو حامي قيم الخير والعدل والحرية,المدافع عن المظلومين وحقهم في حياة حرة كريمة,لايرضى لنفسه أن يكون يوما في جوقة حاكم ظالم,أو ضمن مواكب المنافقين,أو رهنا لسياسي,متحررا من تأثير النخب السياسية الحاكمة والمال الحرام,يأبى أن يكون سلعة يباع ويشترى,رافضا التصفيق,واختار المواجهة ليقوم بعملية الرفض والنقد,متمردا على السلطة لأسباب مختلفة من حيث الرؤية والمنهجية,ومن حيث طبيعة تسيير شؤون الشعب والوطن,ومن حيث المواقف الأيديولوجية إزاء القضايا الوطنية والقومية والدولية.
فهو وفقا للمفهوم الذي وضعه نعوم تشوفسكي للمثقف بأعتباره عدو السلطة ومعارضا لها.
وعلى ضوء هذا المفهوم أيضا,فأن العلاقة بينه وبين السلطة علاقة سماها البعض صراع السيف والقلم...
ولكن مايحصل اليوم,أن المثقفين العرب قد تشرذموا كأنظمتهم,فمنهم من اندمج في عالم السلطة ومفاتنها_وهم كثر_ممن يصطلح على تسميتهم بمثقفي البلاط الذين أصبحوا صدى لمن يدفع لهم بسخاء,مهمتهم الرئيسية تبرير سياسة الحاكم وتسويغ سلوكه الدكتاتوري,والدفاع عن بطشه وظلمه.
وبما أن الحاكم لايعتمد على القوة والعنف وحدهما,وانما يحتاج سندا من أولي الرأي ممن باعوا ضمائرهم ووعيهم بأبخس الأثمان. فنجح بضمهم إلى جوقته موفرا لهم كل المغانم والغنائم والمكاسب المادية والمعنوية,مشترطا أن يكونوا في خطه ويتجهون اتجاهه,ولا يرون إلا رؤيته وبرؤيته,
فأصبحت علاقتهم معه علاقة الهدايا المتبادلة (التخادم)فبرزت طبقة حملة المباخر.
حيث يمارس هؤلاء ثقافة النظام,فيساهمون في تشويه الأحداث التأريخية,ينشرون أفكار الحاكم والدفاع عنه...يزيفون الحقائق,ويلمعون وجهه, ويكتبون المقالات الطوال يوميا يمدحون فيها سياسته,تاركين الشعب ومأساته,بل ويطالبونهم  بالطاعة للحاكم القائد والتغني بحبه...
أصبحوا العملة التي تتداولها كل أشكال الأنظمة, لاعبين دور المهرج والشارح الثانوي للخطاب السياسي,أكثر من كونهم منتجي ثقافة وأبداع, وصوليون ليس لهم هوية,مكتفين بتحقيق طموحاتهم الشخصية,انتهازيون سرعان ما ينقلبون على الحاكم اذا ماتعرض نظامه للانهيار.
                                                              يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق