السبت، 23 نوفمبر 2019

مجلة ملتقى الشعراءوالأدباء....دموع الهجر..بقلم المتألق. محمد سعيد أبو مديغم

*   دُموعُ الهَجْرِ   *

كأنَّ دُمُوعِي سَارِيَاتُ الهَوَامِعِ
صَبَاهَا حَبِيْبٌ رَاحِلٌ غَيْرُ رَاجِعِ 

فَبِتُّ أُدَارِي جُرحَ حُبٍّ عَشِيَّةً
أذاعَتْ بِهِ عَيْنٌ بِفَيضِ المَدَامِعِ

فَفَرْطُ حَنِينِي بَاتَ فِيها تَحَرُّقًا  
جَرَى مِنْ شُؤونٍ زادَ مِلْحَ مَواجِعِي 

وَأجّجَ نَارًا فِي لِبابِ جَوانِحِي 
وَبُركانُ شوقي قَدْ هَبَا فِي تَتَابعِ 

تَبَدَّى نَجِيعًا مِنْ دَمٍ كَانَ بَاطِني
بِنِيرانِ دَمعٍ فِي لُحُونِ السَّوَاجعِ 

فإذْ جَنّ لَيْلٌ زَارَنِي طَيْفُ غَائِبٍ 
شَكَوْتُ لَهُ هَمًّا جَرَى فِي أَضَالِعِي 

فَقَدْ زَادَنِي الهجْرَانُ سُقْمًا مُلَوِّعًا 
وَسُقْمُ الهَوَى يُشْجِي عُيونُ المُلاوِعِ 

وَكَمْ آخَتِ الأجْفَانُ لَيْلَ نَوَائِبٍ 
غَزَانِي بِهِ شَوْقٌ أتَى كالطّلائعِ 

فَلَسْتُ عَلَى هَذَا الجَّفَاءُ بِصَابِرٍ 
وكَيْفَ أُدَاوِي عِلَّةً فِي المَهَاجِعِ

فَلَا رَغْبَةً لِي فِي الحَيَاةِ وَلَيْتَنِي
أُفَارِقُ رُوحًا حُبُّها في مَجَامِعِي

لَعَمْرِي وقَدْ بَاتَ الفُؤادُ مُتَيَّمًا 
وإنْ كَانَتِ الأَشْوَاقُ عَصْفَ زَعَازعِ

بِرغمِ الأَسَى مَا زَالَ حُبُّكِ مَوْرِدًا
نَضَا فِي حَنَايا دَاخِلِي فِي تسارُعِ

لَحَى اللهُ يَومًا كان فِيهِ تَبَايُنٌ 
ضَنَى مُهْجَتِي جمرًا مِنْ البُعْدِ لاذِعِي

سَلَامٌ عَلَى خِلَّانِ حُبٍّ تَبَاعَدَوا 
سَلَامٌ عَلَى مَنْ كَانَ جُلَّ مَطَامِعِي

لَعَمْركِ مَا الإِعْزَازُ إلا مَحَبَّةٌ
وَمَا الحُبُّ إلا أُلْفَةٌ فِي تَوَالعِ 

وَلَو كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ فِي الحُبِّ سَكْرَةً
لَأَهْدَيْتُ وِجْدَانِي إِلَيْكِ وَمَا مَعِي

********
محمد سعيد أبو مديغم
بحر الطّويل 

سَاريات / سارية : غيومٌ تجيءُ ليلًا
هَوامِع / هامع : سيّال ، سيّالة 
شؤون : مجاري الدّمع 
لِباب : جوف 
هَبَا : ثَارَ
النَّجِيعُ : دمُ الجوف
السّواجع : القوافي ، كلام منثور
نوائب : مصائب ومضرّات
الطّلائع : الطَّلِيعةُ من الجيش : مقدّمته
مهاجعُ ، جمع مَهجَع : مكان النَّوم
زعازع : رياح شديدة
نَضَا : جرى
لحى : لعن 
التّباين : البُعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق