الجمعة، 29 نوفمبر 2019

مجلة ملتقى الشعراءوالأدباء...القامة المسكرة ...بقلم المتألق عبد الرحمن جانم

(اَلْقَاْمَةُ الْمُسْكِرَةُ ..)

لـ عبد الرحمن جانم
الخميس 28/11/2019 اليمن 

(من البحر البسيط )

بَدْرٌ أَتَى حِيْنَمَا حُسْنُ الْفَتَاةِ بَدَا
مُنَوِّرَاً مُحْتَوَى الْآفَاقٍ عَبْرَ مَدَى

وَالْغُصْنُ كَالْقَامَةِ الْمُثْلَىْ تَمَايُلُهُ
إِنْ هَبَّتَْ الرّيْحُ أَمْسَىْ مُسْكِرَاًً بَلَدَا

عَلَى تَرَانِيْمِهَا يُمْسِي تَرَاقُصُهُ
فَإِنْ طَفَتْ بُرْهَةًً فِي نَوْمِهِ خَلَدَا

إِذَا رَآهُ إِمَامٌ عَابِدٌ سُكِرَتْ
عَيْنَاهُ مِمّا يَرَى مِنْ حُسْنِهِ سَجَدَا 

اَلْوَرْدُ فِيْ خَدِّهَا بَانَتْ عَلَامَتُهَا
فَاحَتْ عَبِيْرَاً َكمِسْكٍ نَافِحٍ رَدَدَا

وَالْوَجْنَتَانِ الّتِيْ مُحْمَرّةٌ ظَهَرَتْ
كَأَنَّهَا قَدْ أَتَتَ مَعْرُوْكَةً عَدَدَا

أَخَالُهَا كُوِّنَتْ فِيْهَا فَرَاوِلَةٌ
وَالْوَجْنُ فِيْ  شَكْلِهَا بِالْإِحْمِرَارِ غَدَا

وَالْعَيْنُ إِعْجُوْبَةٌ مِثْلُ الْعَقِيْقِ بِهِ
فَصُّ السّوَادِ الّذِيْ بِالشّمْسِ قَدْ فَرَدَا

حَوْرَاءُ تُسْبِيْ عُقُوْلَ النّاظِرِيْنَ لَهَا
وَالْلَحْظُ كَالْبَرْقِ بَيْنَ الْعَاصِفَيْنِ بَدَا

وَالْأَنْفُ كَالْخَنْجَرِ الرّحْمَنُ رَصَّعَهُ
مِنْ الْجَوَاهِرِ بِالْأَلْمَاسِ قَدْ عَقَدَا

وَالشَّعْرُ كَالْلَيْلِ يَمْضِيْ بِالظَّلَامِ عَلَىْ
تَزَايُدٍ كُلّّمَا أَهْدَىْ بِهِ رَفَدَا

مَعْنُوْقَةٌ كَالْغَزَالِ الطّوْلُ فِيْ عُنِقٍ
شِبْرٌ إِذَا اسْتَلْفَتَتْ مَا خَلْفَهَا وَرَدَا

 وَالنّقْشُ بَيْنَ الْيَدَيْنِ الْبِيْضِ مَزْهَرَةٌ
عَبِيْرُهَا مِنْ شَذَىً لِلْوَرْدِ قَدْ وَرَدَا

يُعَانِقُ الرّوْحَ وَالْإِحْسَاسُ يَمْلَؤُهُ
كَشَوْقِ أُمٍّ إِذَا مَا فَارَقَتْ  وَلَدَا

كَأُمّ مُوْسَى الّتِي بِالْيَمِّ مُوْضِعَةٌ
مُوْسَى فَثَارَ الْحَنِيْنِ الْمُرّ وَاتّقَدَا

فِي طُهْرِهَا مَرْيَمَ الطّهْرَاءِ أَحْسَبُهَا
قَدْ فَارَقَتْ مَوْطِنَاً كَيْ لَاْ تَرَىْ أَحَدَا

وَالْفَرْقُ فِيْ أَنَّهَا جَاءَتْ لِتَنْظِرَنِي
وَمَرْيَمٌ فَارَقَتْ كَيْ تُوْضِعَ الْوَلَدَا

إِذَا بَدَتْ أَسْكَنَتْ بِالْقَلْبِ ضَحْكَتَهَا
وَحَرَّكَتْ فِيْهِ بِالْإِحْسَاسِ مَا جَمَدَا

كَأَنَّمَا ضَحْكَةً فِيْ فِيْهِهَا رَسَمَتْ
إِشْعَاعَ نُوْرٍ وَمِنْ آفَاقِنَا وَجَدَا 

أَسْنَانُهَا اللّؤْلُؤُ الْمَعْقُوْدُ فِي فَمِهَا
يَشِعّ بَالنّوْرِ بَرْقَاً وَاهِبَاً بَرَدَا

مَا إِنْ تَأَكّدْتُ مِنْ فّيْهِ الْفَتَاةِ أَتَى
حِلْمٌ خَيَالَاَ وَعَقْلِيْ فِيْهِ قَدْ خَلَدَا

فُوْهَانِ بَالشّهْدِ لِلرّوْحَيْنِ سَاقِيَةٌ
سَيْلَاً فَأَرْوَتْ خَلَايَا الْجْسْمِ وَالْغُدَدَا

تَبَادَلَ الشّهْدُ وَالْفُوْهَانِ عَازِفَةٌ
أَنْغَامَهَا.. فَالْتَقَى الشّهْدَانِ وَاتَّحَدَا

فِيْهَا الشّفَاتَانِ كَالْأَوْتَارِ  أَعْزِفُهَا
فَيُسْعَدُ الْقَلْبُ إِنْ يَسْمَعْ رَنِيِْنَ صَدَى

أَخَالُهَا ثَوْرَةَ الْفِيْهَيْنِ قَدْ فُرِضَتْ
فَرْضَاً عَلَيْهَا فَصَارَ الْحَرْبُ مُعْتَقَدَا

اَلْفُوْهُ بِالفِيْهِ مَلْزُوْمٌ يَجَاهِدٌهُ
فِي سَاحَةِ الْحَرْبِ طُوْلَ الَوَقْتِ مُجْتَهِدَا

أَخَالُ فَاهَاً بِعَرْضِ الْفِيْهِ مُشْتَنِقَاً
يَذَوْقُ مِنْ عَذْبِ رِيْقٍ غَادِقٍ بَرَدََا

وَالسّيْفُ مِثْلُ الْلِسَانِ الْحَرْبُ تَأْخُذُهُ
إِلَى نَضِيْرٍ لَهُ بِالْحَرْبِ قَدْ صَمَدَا

ظَلَّتْ عَلَى سَاحَةٍ لِلْحَرْبِ ضَارِبَةً
فِي بَعْضِهَا بَيْنَ جَوٍّ هَاطِلٍ بِنَدَى

وَكُلّ سَيْفٍ بِفِيْهِ الْخَصْمِ مُحْتَدِمٌ
كَأَنَّهُ عَالِقٌ أَمْسَى بِهِ وَتَدَا

يَظَلّ فِي جَوْفِهِ بَيْنَ الْعِرَاكِ وَإِنْ
أُنْهَى عِرَاكٌ بَقَى فِي جَوْفِهِ رَقَدَا

وَكُلّمَا أَوْقَدَتْ حَرْبٌ شَرَارَتَهَا
أَتَى لِكَي يَسْتَزِيْدَ النّارَ أَنْ  وَقَدَا

مِنْ ثُمّ تَمْضِي عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا
شَهْدَاهُمَا كُلّ شَهْدٍ زَائِفَاً وَعَدَا

أَنْ يُوْقِفَ الْحَرْبَ فِي الْفِيْهَيْنِ مُتّخِِذَاً
قَرَارَ أَلّا يُضَايِقْ واحدٌ أَحَدَا

لَكِنَّنِي بَعْدَهَا لَمْ أَبْقَ فِي حُلُمِي
أَصْحُوْ أَرَى أَنَّنِي مَازُلْتُ مُبْتَعَدَا

أَدْرَكْتُ أَنَّ الّذِيْ قَدْ صَارَ فِي عَجَلٍ
مَا كَانَ إِلاّ خَيَالَ الْعَقْلِ إذْ شَرَدَا

 مِنْ ثُمّ أَأْتِي إِلَى أَفْلَاكَهَا فأرى
شَيْئَاً خَفِيّاً أَتَى مِنْ حُسْنِهَا وَبَدَا

كَأَنّهُ حَوْشُ بُسْتَانِ الّذِي وُجِدَتْ
بِهِ عَلَامَاتُ جنّاتٍ تَصَوْغُ هٌدَى

حَوَى مِنَْ الْخُوْخِ وَالرّمّانِ أَطْيَبَهَا
جَنّاتُ عَدْنٍ بِهَا رُوْحُ الْفَتَى خَلَدَا

مَا إِنْ رَأَىْ خَيْرَهُ قَلْبِيْ تَدَارَكَهُ
حِلْمٌ جَمِيْلٌ سَعَى فِيْ عَقْلِهِ جَلَدَا

خَالَ الْحَيْاةَ الّتِيْ قَدْ كَانَ يَحْلَمُهَا
مَوْجُوْدَةً أَصْبَحَتْ يَحْيَا بِهَا صَدَدَا

وَالْخَيْرُ فِيْ عُمْرِهِ أَمْسَىْ يُعَايِشُهُ
مُسْتَعْوِضَاً مِنْهُ حِلْمَاً كَانَ قَدْ فَقَدَا

مَاْ مِثْلَهُ قَدْ رَأَىْ خَيْرَاً بِمَوْطِنِهِ
كَأَنَّهُ جَنَّةٌ فِيْهَا يَعِيْشُ عَدَا

أَنَّ الّذِيْ بَاْتَ فِي الدّنْيَا يُعَايَِشُهُ
وَجَنّةُ الْخٌلْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ تُعْتَمَدَا

.........يتبع

لـ عبد الرحمن جانم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق