الأحد، 17 ديسمبر 2017

مجلة ملتقى الشعراء والادباء // غربة // بقلم الملك يوسف الدلفي ابو حوراء

شعر / يوسف الدلفي

غُربة

مَنْ باتَ لِلبدرِ يصبو نورَهُ شَغفا ؟
إلّا غريباً كَسيراً قد ثوى دَنفا

يبكي دياراً نأتْ بالذكرياتِ جَوَىً
في رسمِها الدّمعُ وابلاً بالنوى نزفا

فلا تَلُمْ عاشقاً في غُربةٍ هَمَلاً
والعشقُ للدارِ دِيْنٌ قد سَمَا صحُفا

وحيٌ مِن اللهِ في ترتيلها أمَلٌ
ترنيمةٌ في صداها تَنكرُ الزِّيفَا

فيا غريباً طوى الأوطانَ في ألَمٍ
قد هَمَّ في جذرِها نزْعاً وما قَطَفا

للهِ صَبٌّ على صبرٍ إلى جَلَدٍ
والرّوحُ في صبرٍ لَتسمو عِلَّةً شرفا

ما الدّارُ في شرعِ الغريبِ سوى
صَدرٍ على صدرِ محبوبٍ عَساهُ غفا

نَعَمْ هو العشقُ طُهراً تراهْ ضَنَىً
سِرٌّ بِغيرِ النّوى لَمْ يُفشِ مُعترِفا

نادى المنى عَلَّ آذاناً ليستْ صَمَمَاً
كي يُسمعَ الدّهرَ لحناً مِنْ وفىً شنفا

قد باتَ في مُدلهماتٍ بِحيرتِهِ
يمضي إلى بحرِ هَمٍ يقذفُ الصّدفا

قد رَشَّفَ الماءَ مـنْ أمواهِ لَوعَتِهِ
حتّى غدا الماءُ دمعاً يبكي له ذرفا

ضَجَّتْ بحارٌ مِن الأشواقِ تَلطمُهُ
فَقامَ ندباً عليها صارِخاً أَسفا

وا حَرَّ قلبي وما لُقيا يُبَرِّدُهُ
إلّا خيالاً كَذوباً آفلاً سَلفا

طُوبى فؤادٌ نما في خَافِقيهِ هوىً
والنّبضُ في صدرِ محبوبٍ إذا ردفا

الظّاعِنُ الدّارَ في لَوعاتِهِ حِمَمٌ
لا تخمدُ النّارَ أطلالٌ محتْ غرفا

قام النّوى لم يكنْ بُدٌّ مُصانعةً
لكنّما النّأيُ طَاغٍ لو ثوى وقفا

الفَقْدُ يُتْمٌ بِحربِ النّأيِ ذا أَجَلٌ
والخُلدُ بالملتقى حَتماً بقى ترفا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق