أيّها التاريخُ لا تُسجِّلْ
أيُّها التاريخُ مهْلًا لا تُسجِّلْ
واحْرِقِ الأوْراقَ والأقلامَ عَجِّلْ
وَرجاءً لا تَصِفْنا الآنَ أَجِّلْ
أيُّ وصْفٍ لِبَني يَعْرُبَ يُخْجِلْ
يا زعيمًا حاكمًا قهرًا وَظُلْما
هلْ يَعزُّ البطشُ والإذلالُ حُكْما
يا أميرًا مَلِكًا صُمًّا وَبُكْما
كيفَ تبغي منْ أعادٍ لكَ دَعْما
يا زعيمًا فاسدًا مهما تكونُ
منْ يخافُ اللهَ حقًا لا يخونُ
لِمَ لا تدْرِكُ لا تحمي الحصونُ
ظالمًا للشعبِ أوْ حتى العيونُ
شاعرَ القصرِ ألا سُحقًا وتبّا
تمدحُ الحاكِمَ كيْ تجْنِيَ كسْبا
فاسدًا يعملُ في الأوطانِ نهْبا
وَغدا للْغَرْبِ والأعداءِ كلْبا
شاعرَ القصرِ بلا أصلٍ وعِرضِ
وبلا قلبٍ على شعْبٍ وأرضِ
علّمونا في الصبا قولًا وَيقضي
أنْ نصونَ الأرضَ إيمانًا كفرضِ
حارسَ القصرِ أسيرًا لأميرِ
أم مليكٍ جاهلٍ بؤسَ المصيرِ
مثلَ كلبٍ حارسٍ قصرَ الحقيرِ
أنتَ جسمٌ دونَ روحٌ أو ضميرِ
تحْرُسُ القصرَ بِذلٍّ وَخُضوعِ
للَّذي ينهَلُ من بحر الخُنوعِ
كيفَ تنسى من ينامونَ بجوعِ
فوقَ أرضٍ قدْ تَغطَّتْ بالدموعِ
يا جُنودًا بَرْمَجوهمْ بالولاءِ
لنظامٍ بمئاتِ الأُمراءِ
لهُمُ الإخلاصُ حتى بسخاءِ
ليْسَ للأوطانِ حظٌّ بِوَفاءِ
إنْ دُعوا للحربِ أهلًا بالفِداءِ
لِعروشٍ وكُروشٍ وإماءِ
في سبيلِ الغَربِ فرسانُ البلاءِ
وَلِإخوانٍ لَهمْ كلُّ الشقاءِ
يا إمامًا من على المنْبَرِ تدعو
لمليكٍ مُستَبِدٍ ثمَّ تغْفو
ومتى استنشَقْتَ مالَ العُهرِ تصحو
داعيًا بالدمعِ أو للعُهرِ تحبو
يا إمامًا يا مُلِمًّا بالنفاقِ
ومُثيرًا للتجافي والشقاقِ
قفْ رجاءً عنْ دُعاءٍ أو بُعاقِ
لا تكنْ مثلَ نديمٍ أو كساقي
هل بِحقٍّ أنتَ تدعو أم بِجهْلِ
هل نقودُ العُهرِ ما تَقضي وَتُملي
يا إمامًا بالأكاذيبَ تُعلّي
حُكْمَ عُهرٍ كيفَ تمسي كلَّ ليلِ؟
يا فقيرًا لا ترى في العيشِ خيْرا
بلْ عذابًا مستَمرًّا ثمَّ شرَّا
دونَ أنْ تنهضَ لنْ تُصْبِحَ حرَّا
دونَ أن ترْفُضَ لنْ تقضيَ أمرا
عجبي ممَّنْ يُعاني دونَ ذنْبِ
كيفَ يبقى صامتًا إلّا بِندْبِ
ليسَ فقْرُ المرْءِ في الدُنيا بِعيْبِ
عيْبُهُ العيْشُ بِذلٍّ أوْ بِرُعْبِ
يا رجالًا ونساءً في المزارِعْ
في المشافي والمنافي والمصانِعْ
يا مٌشاةً ونيامًا في الشوارِعْ
يخْذِلُ الرحمانُ منْ للعبْدِ راكعْ
يخْذلُ الرحمانُ منْ بالذلِّ قانِعْ
يخْذِلُ الرحمانُ منْ للظُلمِ طائِعْ
يخْذلُ الرحمانُ منْ بالصمتِ خاضِعْ
يخْذِلُ الرحمانُ منْ للخيْرِ مانِعْ
أيّها التاريخُ قِفْ ماذا تُصوِّرْ؟
نحنُ منْ نحنُ سؤالٌ كمْ يُحيِّرْ
فرجاءً لا تسجّلْ أو تُنظِّرْ
أنتَ أصلًا إنْ تغيَّرْنا تُغَيَّرْ
د. أسامه مصاروه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق