الخميس، 11 أكتوبر 2018

مجلة ملتقى الشعراء والأدباء // من كتابي استراتيجيات // حوار التضخم// بقلم المتالق محمد دريدي

من كتابي
استراتيجيات
حوار التضخم
جادل الحضري فى المقهى رُفْقةٌ له في شأن التضخم فلما همُّوا بالإنصراف قال
لا يَشفي غَليلي من التضخم إلا الأعرابي لأقعدن له باكراً على قارعة الطريق
الغداة سُوق  و لا أراه يُخْلِفه
خرج باكراً و وقف على طريق البادية يَرقُب و ما هي إلا هنيهات حتى لَمَح شبَح راكبٍ يحُثُّ الخطى و ما كاد ينقضي بعض وقت حتى  كان الأعرابي بين يديه
استقبله بفرح و ابتهاج و بعد واجب الترحيب و السلام دار حوار
الحضري :
أخا العرب ما أوقفني على قارعة الطريق غيرك
الأعرابي :
حَزَبك أمْر
الحضري :
مسألة أريد الرأي فيها
الأعرابي :
فد أصغيتُ فانْضَحْ
الحضري :
التضخم أخا العرب
الأعرابي :
ما سَألتَ عويص
زيادةٌ و كبرٌ و نمو
الحضري :
ما أردتُ هذا إنما أردتُ التضخم
الأعرابي :
عجبا امرك يصدق فيك قول الشاعر
و بعد جهدٍ جهيدٍ
فسَّر الماء بالماء
ما قلتَ جديداً و إن أردت
الحضري :
التضخم الذي به تتحدث الإذاعة و عنه تكتب الجريدة فاكهة أحاديث الناس و شغل عامَّتهم و خاصَّتهم
الأعرابي :
و ما شأني و الإذاعة و الجريدة همي فى البادية ذئب أمنعُ منه العنزات و لصٌّ أردُّه عن الخيمة و سَعْيٌ بين الحَوْض و الزرع
الحضري :
أردتُ التضخم، النقود، و الأسعار
الأعرابي :
و ما شأني و النقود و الأوراق لولا أقدامٌ تؤزُّنا إليكم أزاً و قلوبٌ تحنُّ إليكم حنيناً ناري الحطب و غذاءي الزرع و حليبي الضرع و ماءي النَّبْع متى طَلبتُ وجدت أُحَصِّلهم عرقاً لا ورقاً
الحضري :
فما غلاء الأسعار أخا العرب
الأعرابي :
قَلَّ جُهدكم فَقَلَّت أشياؤكم و زادَتْ اوراقكم فزادَتْ أسعاركم
الحضري :
هَوِّن عليك أخا العرب وَلِيُّ الأمر سيزيد الأجور أخبر و صرَّح و سَيطْبع من الأوراق المزيد
الأعرابي :
المرض يَجْلب المرض و الدواء يجلب البُرْء و لا أسهل من طبعٍٍ و تصوير و لو كانا يغنيان شيئاً ماافتقر مصرٌ و ما احتاجت رَقَبة
الحضري :
فما  الرأي أخا العرب
الأعرابي :
أرضٌ تُفلحْ و سائمةٌ تَسرحْ و حدادةٌ تُصْهرْ و ناشئةٌ تأْخذ الكتاب بقوة كما أمر ربك نبيه يحيا (يا يحيا خذ الكتاب بقوة)
النجاة فى ترك جلوس المقاهي و أحاديث الملاعب و جدل يُخَلِّف البغضاء و يَذهبُ بالهَدْيْ أما سمعت نبيك يقول (ما ترك قوم هدىٌ كانوا عليه إلا أوتوا الجدل)
عجيبٌ أمركم والله تركتم العمل ِلقِيلٍ و قَالْ و الجِدَّ لِلهزل و الهديَ للخصومة واللَّدَد ثم تبغونها بيضاء سَلِسة لا يكون هذا والله ابداً
أما سمعت نبيك يقول (بورك لأمتي فى بكورها)؟
فما البكور إن لم تكن ذكرٌ و عملٌ و جِدْ
الحضري :
صدقت والله
زِدني بوركت
الأعرابي :
جائعٌ من لا يزرع عريانٌ من لا ينسج ذليلٌ من لا يجهز أدوات البأْس
فربك علم  داوود صناعة الحديد (و ألنا له الحديد)
و هذا نبيك بارك السائمة
قال (العزة فى الإبل و البركة فى الغنم و الخيل فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة)
و أمر بالزرع و إن قامت الساعة قال (إذا قامت الساعة و فى يد أحدكم فسيلة فليغرسها)
فانظروا لأنفسكم فقد نجعتم شر منجع و ركبتم شر مركب و اعلموا أن من يحتقر الدجاج تأكله الديدان و يحرم بركة البيض و من عاف النحل عافه العسل و من ترك العرق ارهقه السعر
تركت لك السلامة أقضي حاجتي و أطلب البادية
الحضري :
رافقتك السلامه أخا العرب
بقلم محمد دريدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق