الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

مجلة ملتقى الشعراء والأدباء // وعد بلفور // بقلم المتالق أديب السعدي

وعد بلفور
عندَما كنتُ في السَّنة الأولى من الدِّراسة في قسم اللغة الإنجليزيّة في جامعة دمشق قامت إحدى المُحاضِرات هناك بسؤال بعض الطُّلاب والطَّالبات عشوائيا هذا السؤال: "لماذا اخترتَ دراسة اللغة الإنجليزية؟"
كانت إجابات الطُّلاب مُختلفة ومتنوِّعة، ولمَّا سألتني أجبتها: "لأنني أكره الإنجليز!"
تفاجأتِ المُحَاضِرة من تلكَ الإجابة، وسألتني: "ولماذا تكره الإنجليز؟!" فأجبتُها: "لأنهم سبب كل بلاوينا".
فقالت لي ناصحة: "غيِّر التخصُّص، فأنتَ لَن تنجح لأنك تبني حياتك على الكُره!"
فقلتُ لها: "أعدُكِ بأنني سأنجح!"، فما رأيكم، هل نجحتُ أم لم أنجح في دراستي؟!
وعودا إلى الإنجليز، فأنا لا أكره الشَّعب الإنجليزي، فهو لا حول له ولا قوَّة، ولا تغرَّنكم هذه الديمقراطيَّة الزِّائفة التي يتغنَّى بها المتغنُّون المبهورون بمظاهر الأشياء.
في ذلكَ العُمر الفتِّي كنتُ متيقنا بأن الإنجليز الإرهابيُّون هم من أسِّس لقيام الكيان اليهودي الصَّهيوني الإرهابي الغاصب على أرضِ فلسطين حتَّى قبل وعدِ بلفور المشؤوم، ويشرِّد الشَّعب الفلسطيني في أصقاع الأرض ويُحِّل محلَّه شرذمة من القتلة المجرمين الإرهابيين مِن أعراق وبلدانٍ ودياناتٍ شتَّى ادَّعَو بأنهم يهود.
بريطانيا "تحتفل وبفخر" بالِّكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم وترفض الاعتذار عن عذابات الشَّعب الفلسطيني والشُّعوب العربية التي عانت مِن انتدابها على فلسطين وغيرها مِن البُلدان العربية.
إن كلَّ قطرة دمٍ سُفِكت وتُسفكُ في فلسطين وغيرها من البلاد العربية منذ ما يزيد على مائة وخمسين سنة يكون لبريطانيا وأخواتها الأوروبيَّات ومعهن سيِّدة الحُسن والدَّلال – أمريكا- وِزر منها.
وسواء اعتذرت بريطانيا عن وعد بلفور أم لم تعتذر، فإن حقنا في وطننا فلسطين لن يضيع وسنعود لفلسطن التي نعرِفها، نحن وآباؤنا وأحفادنا حتى الذين لم يولدوا بعد- مِن أم رشراشها إلى راس ناقورتها ومن نهرها إلى بحرها. ومن يُشفِقون على اليهود الذين جاؤوا غاصِبين مجرمين إرهابيين إلى وطننا وأحلُّوهم محلَّنا ليأخذوهم إلى بلدانهم، فنحن لم نُقاتل أو نقتُل اليهود في بلدانهم الأصلية ولم نُقم لهم المذابح التي يشمِّز مِن جُرمها حتى المُجرمون، والتَّاريخ-حتى اليهودي- شاهد على ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق