الأحد، 10 مايو 2020

مجلة ملتقى الشعراءوالأدباء..الإبريقُ .والمِخَدةُ..بقلم المتألق والمبدع الأستاذ ‏عبدالله ‏سكرية

_ الإبريقُ والمِخَدّةُ .

_  وبِرَّ أمَّك وأباك..

"ولا تَقُلْ لهُما أفٍّ، ولا تنْهرْهُما، وقلْ لهُما قولًا كريمًا"...

" واخفِضْ لهُما جَنْاحَ الذُلِّ من الرّحمةِ، وقلْ: ربّي ارحَمْهُما كما ربّياني صغيرا"...

_ وأيُّ القولِ أصدقُ من قولِ الباري عزَّ وجلَّ؟ ومَنْ ذا ،مِن بني البَشَرِ، تهونُ عليه نفسُه ألّا يبرَّ بوالدَيه ،ويُحسنَ إليهما بكلِّ حرَكَةٍ أو سَكَنةٍ يقومُ بها؟ ويُغادرانِ الحياةَ، ويبقى البِرُّ بهِما قائماً، فتواصلُ أنتَ حُبَّ  مَن أحَبّا، وصَداقةَ مَن صادَقا، وفي ذلك إيمانٌ صادقٌ بحبِّهما، وتنفيذٌ حيُّ لما يأمرُ به اللهُ سُبحانَه وتَعالى !.

_ وفي يومٍ عادَ "أبو عبدالله" من زيارةِ أصحابٍ لأهلِهِ في مدينةِ حمصَ، وكانَ رحِمَهُ اللهُ ، كعادتِه كلّما زارَها،  يبتاعُ حاجياتِ العمَلِ، ويمرُّ كما اعتادَ ، للاطمئنانِ والسّلامِ، ثم يعودُ إلى بلدتِه في لبنانَ البقاعِ . ولكنَّه هذهِ المرَّةَ اضطرتْه الحالُ أن يبقى في مدينةِ الوليدِ،  ومتى باتَ في المدينةِ، يكنْ مبيتُه عندَهُم.

_ كانتِ الزّيارةُ في رمَضَانَ، والزّيارةُ باعتقادِه الفطريِّ شَيْءٌ من صلةِ الرَّحِمِ. وفي البيتِ أمُّ أحمدَ وابنُها أحمدُ، إذْ كانَ أبو أحمدَ قد اختارَه الباري إلى جوارِه منذ مُدّةٍ.

_ وحانَ وقتُ الإفطارِ، ثم حانَ بعدَ الإفطارِ، وقتُ صلاةِ العشاءِ، مع صلاةِ التَّراويحِ، وذهبَ أبو عبدالله،  وأحمدُ إلى المسجدِ حيث أدّيَا الفرْضَ، وعادا الى البيتِ . ولفترةٍ  قصيرةٍ  تنادمَ الجميعُ وتساءَلوا عن الأحوالِ والأولادِ ، وشؤونِ الحياةِ، وأوى كلُّ منْهُم إلى فراشِه.  وقد أُفردَ لوالدي جناحٌ خاصُ ، مُدَّ فيها الفِراشُ مع مخدّةٍ واحدةٍ.

_ ويقولُ والدي :لقد اعتدْتُ في بيتي ،ومذْ كنتُ صغيرًا ،أنْ أتوسَّد مِخدّتَيْنِ عاليتَيْنِ، وبِجانبي إبريقُ الماءِ ، وتغطُّ الهرّةُ غالبًا على طرَفِ الفِراشِ. وقد أحسستُ أنّ النومَ سيَجْفوني، واحترْت بعدَ وقتٍ، ما الذي أستطيعُ فعلَه؟ هل أدخلُ على أمِّ أحمدَ وابنِها، وأطلبُ منْهما مِخدةً وماءً؟ وهلْ، وأنا متعبٌ ،أتقبّلُ حالَتي تاركاً أَمري لِما يَأتي، ولْيذهب ِالنّومُ وأصحابَه؟ وهكذا بينَ هذا وذاكَ ،والوقتُ يمُّر، إذا بأحدِهم يدخلُ عليَّ بخفَّةٍ متناهيَةٍ، وإذا أنا متيقِّظٌ، وأفاجئُه بأننّي ما زلتُ على سهَرٍ.

_ كانَ زائري ،هو أحمدَ نفسَه إبنَ أمِّ أحمدَ، وقد حمَلَ بيدِه اليُمنَى مِخدَّةً، وبِيدِه الأخُرى إبريقاً، رآني، واعتذَرَ قائلا: أبا عبدِ الله، إنّ الحاجّةَ أمّ أحمدَ أيقظْتني، وطلبَتْ منّي أنْ آتيك بهذَين :الإبريقِ والمخدّةِ، لأنّك لا تستطيعُ النّومَ،  وأنت بحاجةٍ إليهما .فهاكهَما، ولتُصْبِحْ على خيرٍ...

_ أمَا فكيف عرفَت الحاجّة بأحوال والدي؟ لقد قالت :إنّ أحَدهم جاءها في نومها، وأيْقظها ليقول لها: إن ضيفكم يحتاج إلى.... فأيقظت بدورها ابنها، وكان ما كان.

عبد الله سكرية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق