#شخصية من بلادي. 492
عبد السار ناصر
القاص عبد الستار ناصر ، ولد في محلة الطاطران ببغداد في العام 1947، ودرس فيها نشر عدداً من القصص القصيرة في وقت مبكر من مسيرته الإبداعية، قبل أن يصدر كتابه الأول (لا تسرق الورد رجاءً) الذي تلاه بمؤلفات عديدة
* تسنم عدة مناصب في الصحافة العراقية، منها مدير تحرير مجلة التراث الشعبي.
* سجن في العام 1975 بسبب نشر قصته (سيد الخليقة) عاماً كاملاً، فيما بعد عاد وكتب للحرب، ودخل في معترك السياسة العراقية، فنشر "قصص بثياب المعركة" ورواية "الشمس عراقية"، إلا أنه بعد خروجه من العراق في العام 1999 قدم أكثر من اعتذار للأدب والمواطن العراقي بسبب كتاباته، وحاول أن يدون هذا الاعتذار بعدة كتب مهمة صدرت بعد العام 2000.
* خلال هذه الفترة ترجمت العديد من أعماله للانكليزية والروسية والألمانية وغيرها من اللغات.
* سافر إلى عمان عام 1999 بسبب الأوضاع التي مرت بها بغداد واستقر مع زوجته الكاتبة والروائية هدية حسين في عمان، إلى أن سافر بعد ذلك إلى كندا.
* تعرض ناصر لانتكاسات صحية كثيرة، كان أكثرها تأثيراً فيه عندما تعرض لجلطة قلبية في العام 2010 ، وهي ما جعلت من حالته في تراجع مستمر حتى وفاته في أحد مستشفيات تورنتو.
* أصدر أكثر من 50 كتاباً في القصة والرواية والنقد، وعن سر النتاج الغزير يقول: “لا سرّ في ذلك، كنت أضحك احياناً حين أسمع أحد الكتاب يقول بإصرار أن ( الأدب كل حياتي ) ، لكنني مؤمن الآن بأنه أصبح كذلك بالنسبة إليّ. أصبحت الكتابة حياتي فعلاً، حتى انني تخليت عن أمور كثيرة من أجل الأدب، أمور لا يتخلى عنها سواي مهما كانت قيمة الأدب ، ومن عناوين هذه الكتب
- لا تسرق الورد رجاءً
- الرغبة في وقت متأخر 1968
- الحب رمياً بالرصاص
- نساء من مطر
- أوراق امرأة عاشقة
- أوراق رجل عاشق
- أوراق رجل مات حياً
- بقية ليل
- الهجرة نحو الأمس
- سوق الوراقين
- مقهى الشاهبندر
- الشماعية
- بعد خراب البصرة 2000
- الكواش 2000
- حياتي في قصصي 2001
- أبو الريش 2002
- سوق السراي 2002
- باب القشلة 2003
- حمار على جبل 2004
- صندوق الأخطاء 2004
- الحكواتي 2006
- على فراش الموز 2006
- نصف الأحزان 2006
- قشور الباذنجان 2007
- الهجرة نحو الأمس 2007
- الطاطران 2007
- شارع المتنبي 2008
- السيدة التي دخلت 2010
* كتب في روايته الطاطران عن نفسه وغربته : ( صوت أجش يصرخ في رأسي : يكفي أيها الأبله، يكفي هذا الندم السخيف، جئت من بغداد من زقاق لا يعرفه أحد، وأنت لا تملك أي شيئ، وها أنت فعلت الكثير، أكثر مما تظن..نساء من أجمل ما خلق الله، وخمور من أعتق سراديب روما، وليال ما كان أجدادك ليحلموا بها، أوربا كلها بين يديك ).
* كتب ذات مرة أعترافا في مقالة له بعنوان (أنا كاتب فاشل) قال فيها : ( بعد أربعين سنة من زمن ألكتابة وأربعين كتابا حملت أسمي، رأيت في ساعة صحو أن ألمسافة بيني وبين ألقصة وألرواية لم تزل بعيدة ) ، ( أنا كاتب فاشل ، تجاوز عمري ألخمسين ولم أحقق نصف ما حققه غابرييل غارسيا ماركيز أو جان بول سارتر ، وحين أقرأ فرانز كافكا أو إستيفان زفايج أو إيزابيل أللندي أو ديريك والكوت أشعر بالخجل كيف أن أفكارهم أكبر من أفكاري وحبكة رواياتهم أقوى من حبكة كتاباتي ، وقد سألت نفسي مئات ألمرات ، لماذا أكتب إذا لم أستطع تأثيث بيت يسكنه أبطال قصصي كما هي ألبيوت ألتي أراها في نتاج أولئك ألعمالقة).
* قال عنه الروائي الكبير عبدالخالق الركابي : (في رحيل عبد الستار ناصر رحلتْ جلّ ذكريات شبابي وكهولتي: فمعه وحده قضيتُ أجمل سنوات العمر.. ولهول الصدمة أجدني اللحظة عاجزاً عن التعبير عن مشاعري بإزاء هذا المصاب الجلل فلا أملك إلا الاستنجاد بالمتنبي مستعيراً لسانه في رثاء أجمل أصدقاء العمر): طوى الجزيرةَ حتى جاءني خبرٌ / فزعتُ فيه بآمالي إلى الكذِبِ / حتى إذا لم يدعْ لي صدقُهُ أملاً / شرقتُ بالدمعِ حتى كاد يشرقُ بي / تعثرتْ بهِ في الأفواهِ ألسنُها / والبُرْدُ في الطرْقِ والأقلامُ في الكُتُبِ.
* اما علي عبد الامير عجام فقال عنه : في اخر ليلة له في عمّان قبل رحيله الى كندا وفي جلسة جمعتني اليه مع الكاتب الاردني الكبير محمود الريماوي كان عبد الستار ناصر يقول "ما أبغيه من رحيلي هذا هو استعادة صحتي، واستعادة قدرتي على القراة والكتابة"، الا ان القاص والروائي العراقي عبد الستار ناصر يقرّ بان لا ضمانة معينة ستجعل من هجرته الى مدينة تورنتو الكندية نقطة اصلاح لسيرة من الاخطاء السياسية والفكرية والشخصية ميزت حياته"... صباح مرعب اذ يحمل رحيل اخي الحبيب. واضاف : قصة عبد الستار ناصر " سيدنا الخليفة" التي نشرها في اوائل سبعينات القرن الماضي، وبسببها اودع السجن الانفرادي بطلب من خال صدام، خير الله طلفاح، كانت تحمل نبؤة شكل موته وحال بلاده اليوم: " يا بلادي: يا بلاد الذين يموتون سراً، أودعك الآن، فقد أمر الخليفة –سيدنا جميعاً- أن أكون الفدية لكل أسرى الحرب الأهلية التي فشلنا بها. وقد وقعت موافقاً وأنا بكل قواي الجسدية والعقلية، أقلّها يا بلادي أموت وحدي علناً".
* فيما قال عنه الناقد علي حسن الفواز : انه صار بعيدا، فقد استساغ الموت البارد، وتلذذ ان يكون صديقا للثلج، وللجغرافيا العائمة...هكذا يموت عبد الستار ناصر الحالم الكبير جدا، والولد الذي عصيا على السنوات..كان يغشّ الحياة دائما باوهام الجسد، واوهام الحكايات، مثلما كان يغاشش نفسه بالضحك المفرط، والغوايات التي لاتنتهي. ظل منشغلا بحكاية الولد المكاني، الولد المشاغب، العاشق، الحالم، الدون جوان، اذ يكون هذا الانشغال مغامرة في البحث عن وجوه اخرى للمكان الذي يحبه، والمراة التي يعشقها، والزمن الذي يطلق عليه النعاس دائما... واضاف : مات عبد الستار ناصر وهو مسكون بالاحتجاج على زمن البطيخ، مات مكسورا في المنفى/المهجر، مات مستسلما لاحلامه القديمة، لاحلام لم يشأ الاّ ان يتوسدها لانها سريره الاخير...ولانها صوته البارد المكسو بالبوح دائما...، وداعا ياصديقي الجميل، وداعا لاحلام تحدثنا عنها كثير، لكنها هربت هي الاخرى مع العربات الراحلة بعيدا...
* يقول عنه أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث – جامعة الموصل : في محلة الطاطران البغدادية، حيث ولد تبدأ الحكاية ومع قصص أرسين لوبين ينشأ الفتى يقول:" بداياتي مدهشة بأوجاعها وإفلاسها وزينة أخطائها..." علاقاته مع الخطيئة فتحت باب الكتابة أمامه وعمره لما يزل صغيراً لا يتجاوز الـ (15) عاماً.. نشر قصته الأولى في مطلع الستينات من القرن الماضي في جريدة" الانباء الجديدة".. والغريب في الأمر إن الناقد اللبناني غسان كنفاني كتب عن مجموعته القصصية الأولى التي صدرت سنة 1969 بعنوان:" الرغبة في وقت متأخر"،وقال بالحرف ((انه كاتب يجوس بفانوسه الطابق السلفي من المدينة" وانتشى عبد الستار ناصر وفرح وأصر على الذهاب سريعاً في عالم القصة عندما قال عنه (كنفاني) انه من أحسن كتاب القصة القصيرة في الوطن العربي.. وكان من الطبيعي إن يكثر الحساد، وتنتعش روح الغيرة في البعض ممن لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب.. لكن عبد الستار ناصر مضى وصرنا نقرأ له قصصاً قصيرة مفعمة بالانفعالات الإنسانية..أتذكر بأنني قرأت له كثيراً في الثمانينات من القرن الماضي.. وكنت أحس بأن عبد الستار ناصر ليس كاتباً عادياً.. وليس كاتباً مطواعاً انه كاتب ثائر، وكاتب بناء.. وكاتب محاط بالزوابع دائماً، كما وصفه الناقد الأستاذ علي جعفر العلاق. لم يكن عبد الستار ناصر كاتباً فاشلاً، كما يحب إن يصف نفسه.. هذا الكاتب الذي تزخر كنانته بقرابة (40) عملاً في النقد والقصة والرواية كيف يكون كاتباً فاشلاً ؟..
• فيما كتب عنه القاص علي لفتة سعيد :
في بياضِ شعْركِ
سكَن الحبّ
والأرْصفةُ
لا تمْنحُ إلّا سوادَ البارود
كلّ الطّرقِ
أدّت إلى بابكَ المفْتوح إليْنا
وكلّ النّسماتِ
تطْلق آهتَها حينَ تمرّ بكَ
وأنْتَ تحْملُ نخْلتكَ في روحِكَ
وتَجوب
لعلّ تمْرًا يسّاقطُ عليْكَ
حينَ يهزّكَ الحَنين
وتسْري بك غيْمةٌ
لتُمْطركَ في آخرِ المَطاف
في ( الطاطران)
وتجْلس أبديًا
في محْراب غبارِه
ها أنْتَ تعودث إلينا بكامِلِ بياضكِ
ملقمًا للحمام روحَكَ
قلْت له
عدْ بي
فأنا الذي لا يَموتُ حرْفي
وإنْ كانت الأرْصفةُ من بارود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق